عبد الرحمن المصري
البورصة المصرية ليست عدوًا .. فاستغلوها
بتكليفات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تدخل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وحمل على عاتقه وضع حد لنزيف البورصة المصرية، ووقف انهيارها قبل فوات الأوان، نظرًا لما كانت تعانيه خلال الفترة الماضية من انخفاضات وتراجعات، كبدت العديد من المتعاملين فيها خسائر لا يستهان بها.
وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية، كانت قد تدخلت في نوفمبر، بحزمة محفزات لدعم سوق الأوراق المالية وتحسين بيئة الاستثمار والأعمال، تضمنت تخفيض مصاريف التداول الخاصة بهيئة الرقابة المالية والبورصة، ومصر للمقاصة، وصندوق حماية المستثمر من المخاطر غير التجارية، وإلغاء ضريبة الدمغة على تعاملات سوق الأوراق المالية بالنسبة للمستثمر المقيم، فضلًا عن تخفيض الضريبة على الربح المحقق في الطروحات الجديدة بنسبة 50% أول عامين من تاريخ صدور القانون، علاوة على عدم فتح ملفات ضريبية للأفراد المستثمرين في البورصة، يتبعها احتساب وتحصيل الضريبة من قبل المقاصة بعد خصم كل المصاريف، إلا أن البورصة عانت الأمرين خلال الشهر الماضي، الذي كنّاه البعض بشهر الخسائر، اللهم إنها كانت قد بدأت استرداد عافيتها مؤخرًا بشكل حذر.
الخسائر أرجعها وفسرها خبراء ومراقبين، إلى أن حزمة المحفزات فيما يتعلق بضريبة الأرباح الرأسمالية غير كافية، حيث طالبوا بتجديد تأجيلها، بالإضافة إلى التأثير السلبي لإلغاء بعض عمليات التداول.
وأرى أن لدينا العديد من الأمور التي يجب أن نضعها في الحسبان، إن أردنا سوقًا نشطًا وجذابًا محليًا ودوليًا، ومن ثم الخروج من معضلة انخفاض أحجام التداول في البورصة بالأساس.. أهمها؛ جذب طروحات جديدة لتعميق السوق، واستقطاب سيولة جديدة، وإغراء أعين صناديق استثمار أجنبية بعينها، لزيادة أحجام التداول، ومن ثم تزيد الأرباح، ولا يكون هناك مجالٌ للاعتراض على أية إجراءات قد تتخذها الحكومة، من شأنها تعزيز استفادتها من أحد أهم مصادر الدخل لمصر.
ومع كامل احترامي لحديث المخضرم وزير المالية، الذي ردد خلاله؛ إشادة المؤسسات الدولية بتطور وتقدم الاقتصاد المصري، ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أن البورصة المصرية بعيدة كل البعد عن هذا النجاح، وهو ما لمسناه من حركة المؤشرات مؤخرًا، وصراخات المضاربين التي تعالت خلال الأزمة الأخيرة، فالأمر يتطلب العديد من المحفزات الواقعية، التي تجذب الشركات المحلية للتقدم بالقيد في البورصة، ما يعني زيادة أعداد المتعاملين عبر استقطابهم لتلك السوق الواعدة، فكافة بورصات العالم، مساهمٌ رئيس في بناء الاقتصادات الناجحة.
أواخر نوفمبر، نشر مجلس الوزراء صورًا لرئيس الحكومة خلال اجتماعه مع رئيسي الهيئة العامة للرقابة المالية، والبورصة، وبدا الرجل موجهًا لكليهما تعليمات صارمة بطريقة لافتة، أكدت بما لا يدع مجالًا للشك، أن الفترة القادمة ستشهد إصلاحات جوهرية، في سوق الأوراق المالية، وهو ما أكده البيان الذي خرج من رئاسة مجلس الوزراء ويحمل الكثير من المؤشرات في طياته، حيث أكد أن اللقاء شهد بحث التطورات والمستجدات، واستعراض لموقف برنامج الطروحات الحكومية، الذي ينتظره الجميع، نظرًا لمساهمته في دعم وتقوية السوق المصرية.
خلال الاجتماع الساخن، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن الحكومة مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم والمساندة لسوق الأوراق المالية، لتستعيد دورها الرائد، ولتتمكن من لعب دور أكبر في دعم تحقيق مستهدفات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا مواصلة الحكومة تفعيل برنامج توسيع قاعدة ملكية الشركات الحكومية من خلال سوق الأوراق المالية، لما لذلك الإجراء من تأثير إيجابي على قدرات وامكانيات الشركات وكذلك سوق الأوراق المالية.
ما يحدث من تدخل للحكومة في خريطة مسار سوق الأوراق المالية، يؤكد ما تعلنه مؤخرًا من توجه الدولة نحو إشراك ودمج القطاع الخاص في الاقتصاد الرسمي للبلاد، ويتماشى مع ما يعقده رئيس مجلس الوزراء من لقاءات مع كبرى المؤسسات الاستثمارية المحلية والعالمية، وممثلي صناديق الاستثمار، وعرضه بنفسه الفرص الاستثمارية في ظل الاصلاح الاقتصادي ومعدلات النمو الطموحة، يتبقى فقط، أن يفهم البعض ويترجم أين تقف الإدارة المصرية، وفيم تفكر؟ لينحي عناده جانبًا ويعمل بودٍ مع المستثمرين بالبورصة، الذين لولاهم لانهارت أهم الأسواق الداعمة للاقتصاد المصري.