اثرياء امريكا يكسبون 195 مليار دولار بعد تولي بايدن الحكم ب 100يوم
لم يظهر لانتخاب بايدن أثر ملموس على إبطاء وتيرة مكاسب المليارديرات الأمريكيين، فرغم دعواته إلى فرض مزيد من الضرائب على الأثرياء، زادت ثروة أغنى 100 أمريكي بنحو 195 مليار دولار خلال أول 100 يوم منذ تولى الرئيس منصبه وفقاً لتحليل "بلومبرغ".
وكانت أحدث مكاسب الأغنياء مدفوعة بالارتفاع الذي شهدته سوق الأسهم والمستمر منذ أدّى بايدن اليمين في 20 يناير بدعم من تسارع وتيرة التطعيم، تزامناً مع طرح حزمة تحفيز حكومية بقيمة 1.9 تريليون دولار، إذ ارتفع مؤشرا "ستاندرد آند بورز 500" و"داو جونز" بأكثر من 10% خلال تلك الفترة.
وخلال الفترة التي أعقبت انتخابات 2020 حتى تنصيب بايدن، أضاف أغنى 100 أمريكي 267 مليار دولار إلى ثرواتهم ليصل إجمالي مكاسبهم إلى 461 مليار دولار منذ 4 نوفمبر، وذلك بالمقارنة بما حقّقوه منذ تنصيب دونالد ترمب عام 2017 حتى انتخابات الخريف الماضي من مكاسب بلغت 860 مليار دولار.
وبلغ إجمالي ثروة أغنى 100 أمريكي 2.9 تريليون دولار، بما يزيد على إجمالي ثروة 50% من سكان الولايات المتحدة الأقلّ من حيث الثروة البالغ 2.5 تريليون دولار وفقاً لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
وتتركز تلك القفزة في الثروة لدى مجموعة قليلة من المليارديرات، إذ أضاف أغنى 10 أمريكيين 255 مليار دولار إلى ثرواتهم منذ يوم الانتخابات، ليبلغ إجمالي ثرواتهم 1.2 تريليون دولار.
وكانت شركات التكنولوجيا مثل "أمازون" و"فيسبوك" و"غوغل" التابعة لشركة "ألفابيت" بين أكبر العوامل الداعمة لتلك الزيادة في الثروة، وسط زخم التعاملات عبر الإنترنت نتيجة البقاء في المنزل في أثناء جائحة كورونا، إذ ارتفع مؤشر "فانغ" (FANG) لأسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 94% في الأشهر الـ12 الماضية مقارنة بارتفاع 45% لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500".
وأضاف جيف بيزوس مؤسس "أمازون" وأغنى رجل في العالم 11.7 مليار دولار لثروته محققاً أكبر مكاسب منذ بداية العام وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات لتضاف إلى مكاسبه التي حققها خلال فترة رئاسة ترمب البالغة 120 مليار دولار. كما ارتفع صافي ثروة مارك زوكربيرغ 8.1 مليار دولار في يوم واحد فقط بدعم من إعلان "فيسبوك" عن نتائج قوية خلال الربع الأول من العام.
وبلغت مكاسب لاري بيغ، أحد مؤسسي "غوغل"، 26.6 مليار دولار منذ بداية العام، بعد أن سجلت الشركة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها أرباحاً قياسية العام الماضي، في حين نمت ثروة إيلون ماسك مؤسس شركة "تسلا" 5.1 مليار دولار منذ يناير الماضي.
كذلك حقّق مليارديرات قطاع التمويل والاستثمار أمثال وارن بافيت وستيفن شوارزمان من "بلاكستون غروب" أكبر استفادة من ارتفاعات سوق الأسهم.
وشهدت أول 100 يوم من حكم بايدن تحركات سريعة واقتراح زيادات ضريبية كبيرة على الأثرياء وطرح برامج لتوجيه تريليونات الدولارات إلى الأمريكيين من الطبقة المتوسطة والدنيا في شكل مشروعات بنية تحتية جديدة وإنفاق اجتماعي وبرامج تحفيزية. وركز بايدن على تلك السياسات في أول خطاب له يوم الأربعاء أمام الكونغرس.
وقال بايدن في خطابه أمام الكونغرس: "أحياناً أجد معارضة من أصدقائي في الحزب الديمقراطي"، وأضاف: "أعتقد أنك يجب أن تكون قادراً على أن تصبح مليارديراً أو مليونيراً لكن أدفع نصيبك العادل".
وتقضي خطة "العائلات الأمريكية" التي أعلن عنها بايدن يوم الأربعاء برفع ضريبة الدخل الشخصي إلى 39.6% لأعلى 1% من أصحاب الدخول المرتفعة مقارنة بالضريبة الحالة البالغة 37%، فيما سيرتفع معدَّل الضريبة على مكاسب رأس المال إلى نفس المستوى لمن تزيد أرباحهم على مليون دولار، وهو ما يقضي على الفوارق بين معدلات الضريبة على الدخل وعلى مكاسب رأس المال التي استفاد منها فاحشو الثراء كثيراً.
ويدفع أغنى 1% من الأمريكيين في الوقت الحالي نحو 40% من إجمالي ضرائب الدخل الفيدرالية وفقاً لبيانات خدمة الإيرادات الداخلية للحكومة الفيدرالية، ولا تشمل تلك النسبة ضرائب الدخل.
وقالت إيريكا باين مؤسسة جمعية المليونيرات الوطنيين التي تضمّ مجموعة من أصحاب الثروات الكبيرة: "عندما تسأل الشعب الأمريكي عما يريده ستجدهم يريدون من الشركات وأصحاب الملايين والمليارديرات أن يدفعوا ضرائب أعلى"، وأضافت باين: "سياسياً، يُعتبر قراراً صحيحاً، واقتصادياً هو ما يجب فعله، وأخلاقياً لا يحتاج إلى تفكير".
واقترح البيت الأبيض خطة لزيادة ضرائب الشركات لتمويل الإنفاق على البنية التحتية، فيما أصدر بيزوس بياناً مفاجئاً هذا الشهر يؤيد فيه الفكرة، وقال بيزوس: "نتطلع إلى اجتماع الكونغرس والإدارة معاً لإيجاد الحلّ المناسب والمتوازن الذي يحافظ على القدرة التنافسية للولايات المتحدة ويعززها".
ويقول المحافظون إن زيادة الإنفاق من خلال إضافة عبء أكبر على الأثرياء يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.
وخلال شهادته أمام الكونغرس هذا الأسبوع، قال سكوت هودغ رئيس مؤسسة الضرائب: "غالباً ما يُعلَن عن الاستثمارات الحكومية للجمهور مع وعود بتحسين الحياة والاقتصاد". وأضاف هودغ: "الضرر الاقتصادي الناجم عن الضرائب من شأنه أن يمحو أي فوائد من الإنفاق الجديد مما يترك دافعي الضرائب والاقتصاد في وضع أسوأ".
وعلى الرغم من الوباء، تُظهِر بيانات الاحتياطي الفيدرالي أن الجميع حقّق مكاسب وأضاف لثروته خلال العام الماضي. لكن أغنى 1% من الأمريكيين حقّقوا أفضل أداء، إذ زاد إجمالي ثرواتهم لتصل إلى 4 تريليونات دولار في عام 2020 بزيادة نحو 39 مليار دولار مقارنة بثروة 90% من الأمريكيين أصحاب الثروة الأقلّ. لكن الدخل الشخصي للأمريكيين زاد بنسب قياسية بلغت 21% خلال مارس على أثر صرف الجولة الثالثة من برنامج الإغاثة للأسر.
وشدّد بايدن في خطابه أمام الكونغرس على جهوده لخلق وظائف ذات دخول جيدة، بخاصة تلك التي لا تتطلب شهادة جامعية.
ولا تدعم هيمنة عمالقة التكنولوجيا الطبقة الوسطى من الأمريكيين، فرغم قيمتها السوقية يوظف معظم شركات التكنولوجيا عدداً قليلاً نسبياً من الأمريكيين مقارنةً بالشركات التقليدية المدرجة، كما تؤدي إلى تركز الثروة في أيدي قلة محدودة.
ويطرح الديمقراطيون في الكونغرس خططاً جديدة لسد الثغرات وفرض ضرائب على الثروة بهدف استعادة المكاسب التي حقّقها أغنياء أمريكا خلال الوباء، إذ اقترحت السيناتور الديمقراطية عن ولاية ماساتشوستس إليزابيث وارن فرض ضريبة المليونير، وهي نسخة جديدة من ضريبة الثروة التي طرحتها ضمن برنامجها كمرشحة للرئاسة، تقضي بدفع من تزيد ثرواتهم على 50 مليون دولار ضريبة بنسبة 2% على إجمالي ثرواتهم، ترتفع إلى 3% لمن تزيد ثرواتهم على مليار دولار.
ومن غير المرجح أن تصبح خطة وارن قانوناً، نظراً إلى معارضة بايدن وديمقراطيين آخرين لها.
وقال ميلر من جامعة كارنيغي ميلون، إن الضرائب المرتفعة "لن يكون لها تأثير كبير على المدى الطويل على إعادة توزيع الثروة"، وأضاف ميلر: "هذا التركيز على كيفية حصولنا على المال في غير محله بعض الشيء، ويجب أن نفكّر أكثر في الكيفية التي نريد بها مساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة".