شيخ الأزهر «الأصل في الزواج التعدد» مقولة خاطئة تسببت في فوضى الزواج والطلاق
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إنه مهما اختلف العلماء في المباح، فإن مما لا خلاف فيه أن العبد لو نوى فعل المباح مرضاة الله تعالى فإنه لا شك مثاب على هذه الأفعال، مشيرًا إلى أن ليس كل أمر أو نهي ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة ورد على سبيل الوجوب والحرمة.
وأضاف شيخ الأزهر الشريف، خلال تقديمه برنامج «الإمام الطيب»، المذاع عبر فضائية «DMC»، أن قدرا كبيرا من فوضى الفتاوى المعاصرة غير المتخصصة علميا وأكاديميا -وهذا قيد لا بد من ذكره- مرجعة إلى خلط المستحب بالواجب، والمكروه بالحرام، والاستدلال على وجوب المستحب بمجرد ورود أمر، وعلى حرمة المكروه بمجرد ورود نهي، مؤكدًا أن أخطر ما في هذا الأمر هو اقتحام هذا الفقه المعوج لحياتنا الاجتماعية وبخاصة الأسرية منها، وما نتج عنه من فوضى الزواج وفوضى الطلاق وترويج مقولة إن الأصل في الزواج التعدد وإن مخالفته مخالفة سنة.
وتابع شيخ الأزهر: «نعود إلى مدلول صيغة الأمر ونتساءل من جديد، هل كل أمر ورد في القرآن الكريم أو السنة المطهرة يجب على المسلم فعله؟! والإجابة فيما يقول العلماء بالنفي لأن الأمر قد يفيد الوجوب، وقد لا يفيد وجوبا ولا استحبابا أصلا وهذا ما يؤخذ من قوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا، إذ أن صيغة الأمر هنا لا يمكن أبدا أن تفهم على أنها أمر بالصيد وإلا وجب على كل محرم بحج أو عمرة حين يحل من إحرامه أن يسارع باصطياد حيوان وإلا كان مخالفا لأمر شرعي».
وأشار إلى أن الواضح من المقصود من الأمر في هذه الأية هو إباحة الصيد للمحرم بعد حله من إحرامه وبعد أن كان ممنوعا عليه وهو محرم بحج أو عمرة، وكما يرد الأمر بمعنى الإباحة فإنه يرد بمعنى التعليم والتأديب مثل قوله صلى الله عليه وسلم، للغلام الذي كان يأكل معه: «يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك»، ولو أن الامر باستخدام اليد اليمنى في الأكل جاء في هذا الحديث على بابه في الوجوب لوقع كل من يأكل بيده اليسرى في الإثم، وكثيرون للأسف يعتقدون ذلك وينهون من يأكل بيسراه نهيا شديدا وحجتهم هذا الحديث الصحيح الذي يستدلون به دون دراسة واعية لمبحث دلالات الأمر في علم أصول الفقه".
وأردف شيخ الأزهر، أن علماء الأصول حددوا 25 معنى تدل عليها صيغة الأمر غير معنى الوجوب، وانتهوا منذ البواكير الأولى لعلم أصول الفقه إلى أن أوامر الشريعة الإسلامية في القرآن والسنة ليست كلها مطلوبة على سبيل الحتم والوجوب بل إن كثيرا من هذه الأوامر لا يعد من بواب الأوامر أصلا: «والذي يهمنا في هذا المقام أن فلسفة التقييد في مفهوم الأمر وصيغه ودلالاته تضيق إلى حد كبير من دائرة الواجبات في حياة المسلم العملية والاجتماعية وتؤمن له حرية الحركة في دائرة لا نهائية من الجائزات والمباحات وهذه النظرة تكشف عن الانسجام الداخلي بين القرآن والكون وأنهما وجهان لحقيقة واحدة، وأن القرآن أشبه بكون مسموع وأن الكون أشبه بقرآن مرئي يتأمل فيه، وأن الميل إلى تكثير الواجبات وتفريعها وازدحام الفروض والسنن يقدح في فضيلة التأمل العقلي التي يعول عليها القرآن في اكتشاف الحقائق والعلم بالموجودات على ما هي عليه وهو العلم المسمى بالحكمة الإلهية التي ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى يؤتي الحكمة من يشاء».