تعهدات بايدن بيوم الأرض تجذب أنظار العالم إلى امريكا
وكالات
كان إحياء يوم الأرض لأول مرة في 22 أبريل 1970 عاملاً مساهماً في لفت نظر الأمريكيين إلى كوكبهم، إلا أن يوم الأرض هذا العام جذب انتباه الكوكب بأكمله إلى الأمريكيين.
عقد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الخميس الماضي بهذه المناسبة، قمة مناخ افتراضية لمدة يومين. واستهدف من خلالها إثبات مدى جدية الولايات المتحدة حول معالجة تغيّر المناخ، وإظهار قدرتها في التغلب على الصين في هذا الأمر.
ومع ذلك، فإن بايدن يؤكد عزمه على تغيير المشهد المحلي، من خلال خطط البنية التحتية المقدرة بمليارات الدولارات، وهذا يعني التودد إلى الجمهور المحلي أيضاً.
كان المحور الرئيسي لهذه القمة يدور حول وضع الولايات المتحدة هدفاً جديد لخفض الانبعاثات، يمكن وصفه بأنه مغيرٌ لمسارها. ومن المؤكد أن خطط بايدن لخفض ناتج غازات الاحتباس الحراري في البلاد إلى النصف بحلول عام 2030 عن مستويات عام 2005، يتطلب إعادة تأهيل القطاعات الاقتصادية في البلاد.
كانت الانبعاثات قد بلغت ذروتها في عام 2007، ثم انخفضت بنسبة 1.1% سنوياً حتى عام 2019. والوصول إلى الهدف الجديد يعني تسريع وتيرة الخفض إلى 5% سنوياً، أو ما يقرب من نصف الانخفاض، الذي تم تقدير حصوله تزامناً مع إغلاقات الوباء في عام 2020، والذي تضاعف سنوياً على مدى عقد من الزمن.
وبعبارة أخرى، فإن هذا يعني خفض يصل إلى 2.85 مليار طن من إجمالي الانبعاثات السنوية. ولنفترض أن الانبعاثات الناتجة عن توليد الطاقة تنخفض بنسبة 80%، وأن انبعاثات الميثان (معظمها تصدر عن الزراعة وأعمال الغاز الطبيعي) تنخفض إلى النصف، فكلاهما يعتبر عملاً هائلاً في حد ذاته، خاصة في هذا الجدول الزمني.
ومع ذلك، ستظل الحاجة موجودة إلى إجراء خفض آخر بنحو 1.2 مليار طن في البلاد، وذلك مع وجود هدف واضح لقطاع النقل.
حتى الآن، كان نهج بايدن بشأن المناخ أكثر ميلاً لاستخدام مجموعة واسعة من الأدوات التنظيمية. ولعلنا نرى الديمقراطيين في الكونغرس يضغطون من أجل معايير الطاقة النظيفة الفيدرالية لقطاع الطاقة، ربما في ظل النموذج المعقد لتسوية الميزانية. وفي الواقع، قد يطالب 50% منهم بذلك بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإن هذا الهدف، على الرغم من كونه إشارة إلى العالم الأوسع نطاقاً، قد يكون موجهاً أيضاً إلى الولايات الأمريكية.
وقد لاقى تراجع الرئيس السابق دونالد ترمب عن اللوائح البيئية انتكاسة على المستوى دون الوطني. وعقب قرار إدارة ترمب بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
تم إنشاء تحالف "أمريكا بليدج" وهو تحالف يضم قادة محليين ورجال أعمال يدعمون اتفاقية باريس، وشارك في تأسيسه مايكل بلومبرغ (مالك الأغلبية في "بلومبرغ"، وهي الشركة الأم لـ "بلومبرغ نيوز"). ويضم هذا التحالف الولايات والمدن والشركات والمنظمات الأخرى التي تمثل نحو ثلثي الاقتصاد والسكان في الولايات المتحدة. كما أنه يؤيد خفض الانبعاثات بنسبة 50%. ويقدر في تقرير نُشر في ديسمبر 2019، أن المبادرات التصاعدية وحدها يمكن أن تحقق خفضاً بنسبة 37% في الانبعاثات.
في الوقت نفسه، تبنت 15 دولة على الأقل هدف الانبعاثات الصفرية الصافية، أو أهداف طاقة متجددة بنسبة 100%، وكثيراً منها ينظر جدياً في مثل هذه الإجراءات.
يبدو أن بايدن يسعى جاهداً للاستفادة من اختياراته للأشخاص، الذين يشغلون المناصب الرئيسية، لا سيما جينا مكارثي، كبيرة مستشاري المناخ في البيت الأبيض، ونائبها خبير المناخ علي زيدي. وبجانب الأدوار الأخرى، شغل كلاهما مناصب بيئية بارزة في عدة ولايات زرقاء، والتي تستهدف صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2040، أو ما بعده، (ماساتشوستس وكونيتيكت بالنسبة لمكارثي، ونيويورك بالنسبة لزيدي).
وفي ظل التفوق الذي أحرزه بايدن، سيكون من المنصف لهم دفع ولاياتهم لتتبع قيادته من خلال تحديثات طموحة مماثلة. فهذه أحد الطرق التي يمكن إتباعها لتعزيز طموحات بايدن المناخية في أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة، حتى لو ظلت واشنطن منقسمة بشأنها.
وعلى هذا الصعيد، أكدت برامج بديلة طرحها الحزب الجمهوري هذا الأسبوع، على التغيرات الكبيرة المطلوبة في الحفاظ على قضية تغير المناخ باعتبارها حجر الأساس.
روج الجمهوريون في مجلس النواب لعدد كبير من مشاريع القوانين، التي تغطي كل شيء من دعم الطاقة النووية إلى زراعة تريليون شجرة. ومن الناحية السياسية، قد يساعد هذا الأمر الناخبين الأصغر سناً، بصفة خاصة، في التصدي لمعارضة الحزب طويلة الأمد لاتخاذ إجراءات مجدية بشأن تغير المناخ.
كما أنه يعتبر اعتراف ضمني بأن التهديد الذي سخر الحزب الجمهوري منه لسنوات، أو قلل من شأنه، هو تهديد حقيقي.
ومع ذلك، فإن مشاريع القوانين المقترحة لا تستند إلى هدف شامل من حيث خفض الانبعاثات، بل هناك مزيدٌ من التوترات. فعلى سبيل المثال، يسعى أحد الإصلاحات إلى رفع الائتمان الضريبي على الكربون المحتجز من المنشآت الصناعية إلى 85 دولاراً للطن. لكن إذا كانت قيمة طن الكربون المحتجز تستحق 85 دولاراً، فلماذا لا يكتفي بتسعيرها بـ 85 دولاراً فقط، ويسمح للسوق باكتشاف الطرق العديدة، التي يمكن من خلالها وضع حدٍ للانبعاثات بطرق مبتكرة؟
وحتى عندما يخاطر بايدن بتجاوز أهدافه الجديدة، يجد الجمهوريون أنفسهم يحاولون اللحاق بالركب.
وباستثناء دوري كرة القدم الأمريكية و"كوكاكولا" في جورجيا، كان الجمهوريون يتجنبون الأعمال التجارية الكبرى والتمويل الكبير بشأن قضايا المناخ لفترة من الوقت، وقد تزايد هذا أخيراً.
وهناك ثلاثة قطاعات صديقة تقليدياً للحزب الجمهوري- الطاقة والمرافق والصناعة- وهي تولد أكثر من 70% من الانبعاثات المرتبطة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، لكنها باتت تشكل الآن 14% فقط من المؤشر، وفقاً للمحللين في "بنك أوف أمريكا".
وحتى إذا كانت بعض الشركات الأمريكية تظهر تفكيرها الغير حازم بشأن معالجة الانبعاثات الكربونية، فإنها عموماً تميل لتحديد الاتجاه الذي ينبغي أن تتوجه إليه الأموال والاستثمارات بشكل أسرع، مما يحدده معظم السياسيين.
يستمد هدف بايدن الجديد -حتى لو لم يتم تحقيقه- الشجاعة من هذا الاتجاه ويعمل على تحفيزه. خاصة إذا كان يحث على تحديثات مماثلة ومنسقة في الولايات الرئيسية.
وعلى الرغم من كل العروض التي تقام عادة في المدن ليوم الأرض، إلا أن يوم الأرض هذا العام وجد جمهوراً هاماً في المنزل يتقبل رسالته.