إنتعاش الأسواق العالمية بسبب ثبات الفيدرالي علي أسعار الفائدة
شهدت الأسواق تحسن في معنويات المخاطرة هذا الأسبوع بعدما أبقت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على أسعار الفائدة دون تغيير كما كان متوقعًا، وذلك مع إشارة باول إلى احتمالية توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية. وفي نفس الوقت، أبقى بنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير، مما زاد من تفاؤل المستثمرين حيال تخلي البنوك المركزية بالأسواق المتقدمة عن سياستهم النقدية التشديدية. وعلى صعيد التقارير الاقتصادية الصادرة، سلطت العديد من المؤشرات الرئيسية للعمالة الضوء على تباطؤ سوق العمل بشكل كبير، حيث أشار المؤشر الصناعي والمؤشر الخدمي لمعهد إدارة الموارد الأمريكي إلى حدوث ضعف واضح بالاقتصاد. أدت كل هذه التطورات إلى خفض عوائد سندات الخزانة ومؤشر الدولار، بينما دفعت الأصول ذات المخاطر إلى الارتفاع بقيادة أسهم الأسواق المتقدمة والناشئة. وهدأت توترات الأسواق حيال حرب إسرائيل على قطاع غزة، حيث لم يكن التوغل البري الإسرائيلي بالسوء الذي كان يُخشى منه، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط، وانخفاض الطلب على أصول الملاذ الآمن.
تحركات الأسواق
سوق السندات: حققت سندات الخزانة الأمريكية مكاسب خلال تداولات هذا الأسبوع، حيث اعتبرت الأسواق أن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة كان يميل تجاه تيسير السياسة النقدية، متبوعًا ببيانات سوق العمل التي دعمت سيناريو وقف رفع أسعار الفائدة. انخفضت عوائد سندات الخزانة على مستوى جميع آجال الاستحقاق، حيث تراجعت العوائد فقط خلال تداولات يومي الأربعاء والجمعة. ففي البداية، تأثرت الأسواق خلال تداولات هذا الأسبوع بتوقعات من المتداولين أن الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن يدلي بتصريحات يوم الأربعاءتميل إلى تشديد السياسة النقدية على خلفية صدور بيانات اقتصادية أقوى من المتوقع خلال الأسبوع الماضي. ومع ذلك، ورد في بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة وتصريحات باول أن الأوضاع المالية اتسمت بالتشديد النسبي، فضلًا عن إشارة باول إلى احتمالية وقف الاحتياطي الفيدرالي لدورة تشديد السياسة النقدية، مما أدى إلى تراجع عوائد سندات الخزانة يوم الأربعاء. وسجلت عوائد سندات الخزانة انخفاضاً أكبر خلال تداولات يوم الجمعة، حيث تراجع كل من بيانات وظائف القطاع الخاص غير الزراعي ومتوسط الأجور في الساعة بشكل مفاجئ، بينما ارتفع فجأة كل من مطالبات العاطلين عن العمل ومعدل البطالة، مما يشير إلى تباطؤ سوق العمل بشكل كبير. وفي نفس الوقت، تراجع المؤشر الخدمي لمعهد إدارة الموارد الأمريكي بشكل غير متوقع، إلى جانب مراجعة توقعات مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي لمديري المشتريات بقطاع الخدمات في الولايات المتحدة بالخفض، وهو ما يشير بدوره إلى تباطؤ هذا القطاع. وأدت تصريحات الاحتياطي الفيدرالي وباول التي تميل إلى تيسير السياسة النقدية، ووجود دلالات على ارتفاع معدل البطالة إلى خفض المستثمرين تسعيرهم لقيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة، مع تصاعد تكهناتهم بشأن عزم الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة بدءًا من شهر يونيو2024. عملات الأسواق المتقدمة:
تراجع مؤشر الدولار بنسبة 1.44%، حيث تكبد المؤشر معظم الخسائر خلال تداولات يوم الجمعة (-1.04%)، إذ وصل المؤشر إلى دون مستوى الـ 106 نقطة للمرة الأولى منذ منتصف شهر أكتوبر. وجاء انخفاض الدولار نتيجة تحسن معنويات المخاطرة نظرًا لأن تصعيد الصراع في غزة لم يكن بالسوء الذي كانت تخشاه الأسواق، مما أدى إلى انخفاض الطلب على أصول الملاذ الأمن في مطلع هذا الأسبوع، فضلًا عن صدور تقرير الوظائف في نهاية هذا الأسبوع، والذي أشار إلى وجود تباطؤ في سوق العمل، مما عزز اعتقاد الأسواق بأنه من غير المرجح أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرة أخرى. وعلى النقيض من ذلك، ارتفع كل من اليورو والجنيه الإسترليني بنسبة 1.57% و2.13% على التوالي خلال تعاملات هذا الأسبوع نتيجة انخفاض مؤشر الدولار وعوائد سندات الخزانة، ليحقق اليورو بذلك أكبر مكسب أسبوعي له منذ يوليو 2023، بينما حقق الجنيه الإسترليني أكبر مكسب أسبوعي له منذ نوفمبر 2022. وحققت كلتا العملتان مكاسب نتيجة إبقاء البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا على أسعار الفائدة دون تغيير خلال أخر اجتماعات لجان السياسة النقدية ، فضلًا عن إشارتهما إلى انتهائهم من دورات تشديد السياسة النقدية. وفي نفس الوقت، ارتفع الين الياباني بنسبة 0.18% خلال تعاملات هذا الأسبوع، مدفوعًا بقرار بنك اليابان بتعديل سياسة التحكم في منحنى العائد (YCC). وجاء ارتفاع الين الياباني نتيجة انخفاض الدولار، وصدور تحذيرات من مسؤول ياباني كبير بسوق صرف العملات الأجنبية، ماساتو كاندا، لحماية انخفاض قيمة العملة بشكل أكبر من خلال التدخل في سوق الصرف الأجنبي.
عملات الأسواق الناشئة
حقق مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة MSCI EM مكاسب خلال تداولات هذا الأسبوع بنسبة 0.89%، ليسجل أفضل أداء أسبوعي له منذ يوليو، حيث استفاد المؤشر من تراجع كل من عوائد سندات الخزانة والدولار. وسادت حالة التفاؤل بين المستثمرين، حيث توقعوا أن يؤدي تحول الاحتياطي الفيدرالي نحو تيسير السياسة النقدية إلى المساعدة في الحد من خروج التدفقات النقدية من الأسواق الناشئة، نظرًا لأن هذا الأمر كان أحد العوامل التي تسببت في الضغط على عملات الأسواق الناشئة منذ بدء دورة تشديد السياسة النقدية.
كان البيزو التشيلي (+6.62%) أفضل العملات أداءً هذا الأسبوع نتيجة تحسن معنويات المستثمرين تجاه العملة وسط صدور بيانات اقتصادية أقوى مما كان متوقعًا، حيث أظهرت البيانات زيادة الإنتاج الصناعي بشكل غير متوقع خلال شهر سبتمبر، وذلك في الوقت الذي انخفض فيه معدل البطالة بصورة غير متوقعة. ومن الجدير بالذكر أن البيزو ارتفع بنسبة 2.83% خلال تعاملات يوم الاثنين تفاعلًا مع قرار البنك المركزي في الأسبوع السابق بإبطاء وتيرة خفض سعر الفائدة بشكل غير متوقع، حيث قام بخفض معدل الفائدة بواقع 50 نقطة أساس فقط بدلًا من 75 نقطة أساس كما كان متوقعًا. علاوة على ذلك، كان البيزو المكسيكي (+3.72%) ثاني أفضل العملات أداءً، حيث استفادت العملة من بدء ميل الاحتياطي الفيدرالي إلى تيسير السياسة النقدية، إلى جانب صدور البيانات التي أشارت إلى انتعاش قطاع التصنيع مرة أخرى خلال شهر أكتوبر.
من ناحية أخرى، كانت الليرة التركية (-0.74%) العملة الأسوأ أداءً هذا الأسبوع، حيث تكبدت العملة خسائر خلال أخر 18 جلسة من أصل 20 جلسة تداول. وتراجعت الليرة إلى مستوى قياسي جديد عند 28.41 ليرة تركية مقابل الدولار. واستمر ارتفاع مستويات التضخم في الضغط على الليرة، حيث انخفضت قيمة العملة بنحو 34% حتى الآن هذا العام. ومن الجدير بالذكر أن بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر جاءت يوم الجمعة دون التوقعات بشكل طفيف، إلا أن المؤشر على الرغم من ذلك لا يزال مستقرًا عند مستويات مرتفعة. وكانت الروبية الهندية (-0.05%) ثاني أسوأ العملات أداءً، حيث تكبدت العملة خسائر صغيرة في كل جلسة من جلسات التداول هذا الأسبوع، باستثناء جلسة يوم الخميس. وخلال جلسة يوم الأربعاء، تراجعت الروبية إلى مستوى منخفض جديد، حيث سجلت 83.29 روبية مقابل الدولار.
أسواق الأسهم
حققت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب، مسجلة أفضل أداء أسبوعي لها منذ أكثر من عام، حيث أدى تصاعد التكهنات بشأن إنهاء بنك الاحتياطي الفيدرالي لدورة تشديد السياسة النقدية إلى انتعاش معنويات المخاطرة. ارتفعت غالبية مؤشرات الأسهم بالأسواق المتقدمة خلال جميع جلسات هذا الأسبوع، حيث تجاهل المتداولون التصعيدات في الحرب على غزة، خاصة وأن الغزو البري الإسرائيلي لم يكن بالسوء الذي كانت تخشاه الأسواق، إلى جانب صدور محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع بالإضافة إلى العديد من المؤشرات الاقتصادية الأمريكية الرئيسية والتي حدت من المخاوف بشأن مسار تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية. وعلى الرغم من تراجع البيانات الاقتصادية، إلا أنها دعمت التوقعات بشأن وقف بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تشديد السياسة النقدية، حيث تركز انتباه المتداولين نحو مسار الولايات المتحدة للسياسة النقدية بدلًا من النمو الاقتصادي الأمريكي. علاوة على ذلك، أعلنت غالبية الشركات الأمريكية عن نتائج إيجابية لأرباحها الفصلية للربع الثالث، مما عزز أداء معظم مؤشرات الأسهم. وحقق مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 مكاسب بنسبة 5.85%، ليسجل بذلك أفضل أداء أسبوعي له منذ شهر نوفمبر 2022 وأول 5 زيادات يومية متتالية في عامين. وأنهت جميع القطاعات الـ 11 المدرجة بالمؤشر تداولات الأسبوع على ارتفاع، بقيادة قطاعي العقارات والمالية. كما شهدت أسهم التكنولوجيا مكاسب كبيرة، حيث صعد كل من مؤشر ناسداك المركب Nasdaq Composite ومؤشر +FANG بنسبة 6.61% و6.79% على التوالي. وبالمثل، قفز مؤشر داو جونز الصناعيDow Jones ومؤشر Russell 2000 للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة بنسبة 5.07% و7.56% بالترتيب. وتجدر الإشارة إلى أن هذا يعد أكبر ارتفاع أسبوعي لمؤشر Russell 2000 للشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة منذ شهر فبراير 2021. واتسمت تقلبات الأسواق بالهدوء النسبي خلال هذا الأسبوع، حيث انخفض مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 6.36 نقطة، وهو أكبر انخفاض له منذ شهر ديسمبر 2021 ليستقر عند 14.91 نقطة، ليقل عن متوسطه البالغ 17.36 نقطة منذ بداية العام.