أمازون" و"أمباني" يتنافسان بشراسة على كعكة سوق التجزئة بالهند
دينا عبدالخالق
لولا أحداث العام الماضي 2020 غير العادية، فلن يكون هناك شيء مثير للإعجاب عن كفاح "جايشري هودكار" للبقاء على قيد الحياة كأم عزباء لطفلين من خلال أرباح متجر الخياطة الخاص بها، وهو عبارة عن ماكينة واحدة في غرفة واحدة في منزل مستأجر.
إنها واحدة من عشرات الملايين من الشركات الصغيرة التي تراها في كل مكان في الهند، معظمها صغير جدا لدرجة من الصعب أن تتخيل معها أنها تشكل معاً العجلات التي يعمل عليها الاقتصاد البالغ 2.7 تريليون دولار، ولم تتضح قيمة هذه الشركات إلا عندما توقفت تلك العجلات عن العمل.
في مثل هذا الأسبوع من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي عن إغلاق مفاجئ وكامل للبلاد. وذلك هو الوقت الذي أصبح فيه مركز ماهي للخياطة في إندور، المدينة التاريخية التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة في وسط الهند، مهماً لواحد من أغنى الرجال في العالم، وهو على بعد 7 آلاف ميل في سياتل الأمريكية.
ومع عدم وجود عملاء يأتون لتخييط القمصان النسائية، توصلت "هودكار" إلى استنتاج مفاده أن متجرها لا يمكنه الوقوف بوجه الوباء بمفرده، ودفع الإيجار والرسوم المدرسية، فكان عليها أن تمضي في تجربة مع شركة "أمازون" التابعة لجيف بيزوس.
إن أكبر بائع تجزئة في العالم يتغلغل في النسيج المعقد لهذه السوق التي يزيد عدد سكانها عن مليار شخص.
وتفعل "أمازون" ذلك عن طريق تعديل نماذج أعمالها لتناسب التفضيلات والممارسات والمراوغات المحلية - واضطرابات فيروس كوفيد-19.
وتقوم الشراكة التي يطلق عليها اسم "لدي محل" (I have a place) والتي اشتركت فيها "هودكار" بالسماح لرواد الأعمال، بجمع شحنات "أمازون" لمحلاتهم، والحفاظ عليها، وتوصيلها من الباب إلى باب عندما يعلمون أنه سيكون هناك شخص ما في المنزل يمكنه تلقي الطلبات.
وقد تكون عمليات تسليم الطلبات إلى عتبة الباب أو في صندوق البريد شائعة في الولايات المتحدة، ولكنها ليست خياراً عملياً في الهند. فبدلاً من إهدار الأموال على عمليات التسليم الفاشلة، فإنها تساعد "أمازون" في أن يكون لها حليف محلي.
وقد أخبرتني "هودكار" أنها تكسب الكثير مثلما كانت تكسب قبل الوباء لقاء بضع ساعات تقضيها هذه الفتاة البالغة من العمر 30 عاماً على الطريق وهي تقود دراجتها النارية "هوندا آكتيف".
وفي هذه الأثناء، تقترب شركة التجارة الإلكترونية الأمريكية من ساعة الصفر في الهند. إذ إنه من المنتظر أن تقرر المحكمة العليا في نيودلهي قريباً بشأن محاولتها لإلغاء صفقة "أمازون" مع "فيوتشر غروب" (Future Group) لبيع أصولها، وهي متاجر التجزئة المثقلة بالديون بقيمة 3.4 مليار دولار، ومن شأن هذا الإلغاء أن يكون في صالح موكيش أمباني الرئيس التنفيذي لشركة "ريليانس للصناعات المحدودة".
إن السيطرة على منافذ "فيوتشر ريتيل" قد يترك لموكيش أمباني هيمنة لا تتزعزع. فلا يزال الإقبال على "ريليانس للصناعات" عند 75% من مستويات ما قبل كوفيد في الربع الأخير.
ولكن من خلال استخدام مليون تاجر صغير كشركاء - وتحويل بعض متاجره الخاصة إلى مراكز لوجستية - يخلط أمباني أيضاً بين الأعمال على الإنترنت وتلك غير المتصلة بالإنترنت، بهدف أن يصبح أكثر محلية. لكن، مع ميزة واحدة كبيرة على بيزوس، وهي زبائنه البالغ عددهم 410 ملايين عميل.
وفي دراسة استقصائية حديثة، تتوقع شركة الاستشارات "تيكنو بارك" أن سوق التجزئة سينمو بمقدار 700 مليار دولار بحلول عام 2030، حيث يأتي معظم هذا التوسع ونصف الوظائف الجديدة من اندماج التجارة الرقمية والمادية.
وسترتفع حصة الهند البالغة 0.2% في الطلبات العالمية عبر الإنترنت إلى 8.9%. بصرف النظر عن بيزوس وأمباني. وسيكون كل من "فليبكارت" (Flipkart) المملوكة لشركة "وول مارت" ومجموعة "تاتا غروب" التي تتخذ من مومباي مقراً لها، والتي استحوذت مؤخراً على متجر عبر الإنترنت بدعم من مجموعة "علي بابا"، هم المنافسين الرئيسيين على هذه الغنيمة.
وتكمن وعود الهند في النمو، ولأجل هذا النمو تعمل "أمازون" لتصبح محليةً بقدر المستطاع. لكن، الخطر يكمن في السيطرة المفرطة.
قد تصبح قواعد الاستثمار الأجنبي في البيع بالتجزئة عبر الإنترنت أكثر تقييداً. إذ إنه تم الإبلاغ عن توجيهات جديدة في العمل لثني البائعين على"أمازون"و"فليبكارت-وول مارت" عن شراء البضائع من وحدات البيع بالجملة التابعة للشركات الأمريكية.