شيخ الأزهر: القرآن قضي على عادات الجاهلية في الزواج
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الآيةَ الكريمة التي يُحتج بها دائمًا على إباحةِ التعدُّد، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النِّسَاء:3]، لم تنزل لإباحة التعدُّد، وإنما نزلت لتقييد العَدَد الذي كان مفتوحًا على مِصْراعَيْهِ في الجاهليَّة، وأنَّ القرآنَ الكريم لم يُفارق الموضع الذي أباح فيه: مَثْنَى وثُلاث ورباع إلَّا بعد أنْ أحاطَه بقيدٍ حديديٍّ هو: عدم الظُّلم.. وهو ذات القيد الذي أحاطَ به الزواج من اليتيمات، مضيفًا أن التفسيرات الملتوية للنُّصُوص الشَّرعيَّة أَضَرَّت بحياةِ كثيرٍ من الزوجات المسلمات وحياة أطفالهنَّ وأُسرهنَّ.
وبيَّن أن القرآن الكريم لا يقتصر في إغرائه الأزواج بامرأةٍ واحدةٍ بالتخويف من الظلم وعواقبه، وإنَّما يغريهم بأمرٍ آخَر هو كثرة العيال وما تؤدي إليه من الافتقار وضيق العيش في حالة تعدُّد الزوجات: {ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا}، وهذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي، ومن قبله زيد بن أسلم في تفسير قوله تعالى: «أَلَّا تَعُولُوا»..
وقد انتهى بنا تفسير الآية الكريمة، ومن خلال المصادر الفقهيَّة الأصيلة إلى أنَّ هذه الآية وردت في سياق حماية الضَّعيف والتحذير من ظلمِه والاعتداء عليه، سواء كان الضَّعيف يتيمة أو زوجة ضحية تعدُّد ظالم، وأنَّ ظُلمَ الزوج الذي لا يعدل لا يقل إثمًا ولا جُرْمًا عن ظُلم اليتيمة التي يظلمها وليَّها أو وصيها، فكلاهما من حصب جهنَّم ووقودها.
وأوضح شيخ الأزهر برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب» - أن المشكلة الأخرى الملازمة لمشكلة «فوضى التَّعَدُّد» هي مشكلة «فوضى الطَّلاق» وأثرها الأشد سوءًا على الأُسرة والأطفال، والذي يستقرئ أحكام الشريعة الإسلاميَّة، ويتقصى مقاصدها وغاياتها لا يُخامِرُه شك في أنَّ الشريعة تنحو منحى التضييق في مسألة الطَّلاق، وأنَّها حين تلجأ إلى الطلاق كحلٍّ فإنَّما تلجأ إليه بحسبانه ضرورة من الضَّرورات ومن باب: «آخرُ الدَّواء الكيُّ» وذلك حين يُشكِّل الطَّلاق أخف الضَّررين وأهون الشرَّيْن.