هل كثرة المصلين على الجنازة تعود بالنفع على الميت؟.. دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء أن الصلاة على الجنازة من فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء، وقد رغَّب الشرع الشريف فيها، ونَدَبَ اتباع الجنازة حتى تدفن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّي فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» متفق عليه.
وقد تواردت النصوص من السنة النبوية، أنَّ كثرة المصلين على الميت شفاعة ومغفرة له؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وعن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَوْجَبَ»، قال: فكان مالك رضي الله عنه إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجَنَازَةِ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ لِلْحَدِيثِ. أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وحسَّنه وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَمُوتُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ يَكُونُوا مِائَةً، فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ» أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي في "سننه".
ما هو فرض الكفاية؟
هناك فروض وواجبات أوجبها الشّرع على المسلمين منها ما يتوجب على كل مسلم القيام به بعينه دون غيره، وفروض أراد حصولها بصرف النظر عن فاعلها وبمجرد حصولها يسقط الإثم عن باقي المسلمين، ومفهوم فرض الكفاية عند الأصوليين هو ما كان المطلوب فيه إيقاع الفعل مع قطع النظر عن الفاعل، كالجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونجدة الغريق وغسل وتجهيز الموتى والصلاة عليهم ودفنهم. أقسام فرض الكفاية قسّم علماء الفقه فروض الكفاية لاعتبارها متعلقة بأمور الدين ولاعتبارها متعلقة بحياة عامة الناس، وهي في قسمين:
- فرض الكفاية الدّينيّ:
هو كلّ ما يتصل بالدّين والأمثلة عليه تكاد لا تحصر، ومن أمثلة ذلك: إقامة الحجج والبراهين على وجود الخالق سبحانه وتعالى، وإثبات وجود الأنبياء، ودفع الشبهات، وطلب العلم الشرعي وتعليمه وبيانه للناس والبحث فيه، والاجتهاد في الأحكام الشرعيّة، والجهاد في سبيل الله ودفع الضرر عن المسلمين وصلاة الجنازة.
- فرض الكفاية الدّنيويّ:
هو جميع الواجبات والأعمال التي لها علاقة بمصالح جميع النّاس، لتحقيق المصالح العامة وسعادة الأمّة الإسلامية، ومن أمثلة ذلك: طلب العلم بكافة مجالاته، والعمل في جميع مجالات الحياة العامة، والقضاء بين الناس، وإقامة المؤسسات العلمية والتدريبيّة، ودفع حاجات المسلمين ومساعدة المحتاجين، وتنظيم التكافل الاجتماعي، وإقامة الحرف والصناعات ومختلف المهن، لتغطية كافة احتياجات الدولة وتيسير كافة الضروريات الإنسانية.