في أبو ظبي
مؤتمر اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية يبدأ أعماله في أبوظبي
بدأت اليوم في أبوظبي فعاليات مؤتمر اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية.. التصورات والتطلعات والتحديات، الذي ينظمه مركز التميز في اللغة العربية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.
وذلك في إطار حرص الجامعة واهتمامها بالبحث العلمي والنهوض باللغة العربية واستخداماتها في المجالات الحديثة، وتعزيز حضورها عالميا، وتنسيق الجهود البحثية لخدمتها على النحو الأمثل، ويشارك في فعاليات المؤتمر نخبة من الباحثين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر أعرب الشيخ عبد الله بن بيّه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى أبوظبي للسلم ورئيس مجلس المجلس العلمي لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية عن شكره لجهود إدارة جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في تنظيم هذه الفعالية الهامة ودعوة النخبة المميزة من أعلام الفكر واللغة وعلماء الحاسوب للمشاركة في المؤتمر.
وأضاف قائلا: "إن موضوع هذا المؤتمر هو اللغة العربية في جانب من جوانبها وزاوية من زواياها تتعلق بالتجديد، إن لم يكن في الأساس فهو تجديد في الوسائل، وذلك يندرج في رؤية دولتنا، دولة الإمارات العربية المتحدة، وقيادتنا الرشيدة في تشجيع التجديد والابتكار في شتى الميادين ومختلف الفنون.
وإن اللغة العربية جديرة بأن تنال حظها وتحظى بنصيبها في اهتمام جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية وبخاصة تلك التي تتمتع بطموح وسعي للتميز كمثل جامعتنا، جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية. ولذلك كان هذا المؤتمر بعنوان "مؤتمر اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية". وهو موضوع له جدته وجديته لما يمثل من سعي لتمكين اللغة العربية من الولوج في مجالاتٍ ظلت حصراً على بعض اللغات العالمية".
وأضاف: "صارت العربية بفضل القرآن الكريم لغةَ عِبادَةٍ، وهي أيضاً وَسيلة فَهْم الشريعة، هذه الوظيفة التعبدية للغة العربية (على خلاف عن أبي حنيفة الذي رأى قراءة القرآن باللغة الدارية)، وهذه الميزة ربما لا يشارك فيها من اللغات الحية إلا العبرية القديمة.
وأما النصارى الكاثوليك فكانوا يتعبّدُون باليونانيّة ثم اللاتينية، باعتبار أن الأولى هي التي ترجم إليها العهد الجديد من النسخة الأصلية الضائعة التي لا يعرف أكانت باللغة السريانية أم بالعبرية؟ وقد سمح الفاتيكان في المجمع المسكوني لسنة 1965 بأداء الطقوس بلغة كل قوم.
فإذا كانت اللغة العربية من مبتدئ تدوينها دائرة على منطق دقيق واستقراء عميق فأحرى أن تكون بذلك أقرب وأيسر في البرمجة والحوسبة التي مدارها كذلك على المنطق الرياضي. والمراد هنا كيف نستطيع من خلال إمكانات الحاسوب البرمجية ومتاحات الذكاء الصناعي استيعاب اللغة العربية بمجازاتها واستعاراتها وكناياتها وظاهر دلالاتها...ذلك ما نأمل أن يسهم هذا المؤتمر فيه من خلال التعاون والتكامل بين علماء اللغة والمختصين في التقنية والشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص".
إلى ذلك رحب الدكتور حمدان مسلم المزروعي رئيس مجلس أمناء الجامعة، في كلمته بالمشاركين في المؤتمر قائلا" أرحب بكم في بلدكم دولة الإمارات العربية المتحدة، بلد التسامح والتعايش والقيم الأصيلة... مرحبا بكم في دار زايِد الخير... مرحبا بكم في بلد الإرث الطيب الذي تركه القائد المُؤسس،لتتوارثه الأجيال فتصونه جيلًا بعد جِيل أهلا بِكُم بجامعة أعز الرجال وحكيمهم، قائد الحكمة والقيم، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وسدد على طريق الخير خُطَاه".
وأضاف " نسعد أيها الإخوة والحضور الكريم بأن نستضيف في هذا اليوم الكريم هذه النخبةَ المميزة من مختصين وباحثين وعلماء، يحملون في قلوبهم الإخلاص والوفاء والتقدير للغة العربية ... لغة القرآن الكريم قال اللهُ تعالَى : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وهي اللغة التي نطق بها خير البشر رسولُنا– صَلى الله عليه وسلم -؛ فهي لغة الرحمة والسلم والسلام و التسامح و القيم الانسانية التي تبث المحبة بين بني البشر جميعا. فلزاما علينا ان نبين مكانة اللغة العربِية واهميتها وجمالها ودورها في الماضي والحاضر والمستقبل، وعلينا أَن نقدم لها كل السبل والأَدوات العلمية التي تمكنها من عبورِ بوابات المستقبل الواسعة لتظل لغة مواكبة حاضرة لا يَقِلُّ شَأْنُهَا عَنْ غَيْرِهَا مِن اللُّغَاتِ".
وقال المزروعي إن مؤتمرنا اليوم يتشرف بحضور نخبة مميزة من المختصين والمهتمين في اللغة العربية من مختلفالدول وأتمنى أن يكون حضور هذه النخبة فرصة ثمينة، لنستفيد من علمهم الغزير وخبرتهم الطويلة في مجال اللغة العربية كما أننا نتشرف بمشاركة عدد من الباحثين والباحثات المميزين والواعدين تستضيفهم جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، التي ترغب في أن يكون أبناؤها في الصفوف الأولى باحثين ومفكرين،يدركون المستقبل ويتطلعون إلى الإبداع والتميز والابتكار في مجال اللغة العربية.
وأضاف " إننا اليوم نتطلع لكم بقلوب مؤمنة ومتأكدة بعظيم ما ستقدمونه للغة العربية بنقلها إلى مستويات رقمية رحبة، ستسهل من انتشار العربية ومن تدريسها وتعليمها وتعلمها".
وأكد رئيس مجلس الأمناء أن المؤتمر يأتي استجابة لما فرضه الواقع المتسارع من تحديات ومتطلبات عصرية مختلفة، حيث لاسبيل لعصرنة اللغة وتمكينها دون هذا الجهد المشترك بين التخصصات المختلفة، وإننا على يقين باذن الله تعالى ان الجهود التي ستقدم في أيام هذا المؤتمر هي جهود سيكون لها الدور الفعال فيحمل اللغة العربية، ونقلها للحقول العلمية والإنسانية المختلفة، فهي اليوم لغة لا تقف أهميتها فيمايكتب في حقول الأدب والنقد والتأويل والتفسير وتحليل النصوص والإعراب وبلاغة التواصل والاتصال.... بل نريدها حاضرة أيضا في قطاع الطب والاقتصاد والعلوم الحياتية المختلفة".
ويهدف مؤتمر اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية إلى إتاحة الفرصة لإقامة شراكات علمية ودراسات بينية في مجال حوسبة اللغة، واستعراض أحدث الدراسات والبحوث الأكاديمية والتطبيقية، والإفادة من البرمجيات والتقنيات الحديثة في تدريس اللغة العربية، إلى جانب استشراف آفاق البحث والتطبيق في مجال اللسانيات الحاسوبية والدعم مستقبلا، وتطوير الدرس اللساني العام والعربي تحديدا، وطرح الأفكار والرؤى حول تطوير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، إضافة إلى تحديد معالم التحديات من إيجابيات وسلبيات متعلقة بتوظيف التقنية في تعليم اللغة العربية، والتواصل بين المتخصصين والباحثين في حقل المعالجة الحاسوبية للغة العربية على نطاق العالم العربي والعالم أجمع.
واشتمل اليوم الأول على جلسة علمية خاصة لمجامع اللغة العربية حول العالم، قدمها كل من الدكتور علي بن إبراهيم النملة، وزير العمل والشؤون الاجتماعية سابقا في المملكة العربية السعودية، و د نذير عبيدات، رئيس الجامعة الأردنية وأ.د عبد الحميد مدكور، الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية.