تعد احتفالات المصريين بذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لاستحضار واستعراض الكثير من الاحتفالات الدينية والشعبي

الصفقة,الأجيال,الاحتفالات الدينية,مصر,المولد النبوي,المصريين

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

مصر تحيي ذكرى المولد النبوي الشريف باحتفالات متوارثة عبر العصور

تعد احتفالات المصريين بذكرى المولد النبوي الشريف، مناسبة لاستحضار واستعراض الكثير من الاحتفالات الدينية والشعبية المتوارثة على مر الزمان، والتي تتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل، مما يحفظها من الاندثار.



وتسجل المصادر العربية، الكثير من المظاهر الشعبية لاحتفالات المصريين بالمولد النبوي الشريف على مر العصور، وهي صور لا تزال حية في ذاكرة معظمهم حتى اليوم.

وإذا كان الرحّالة والمستشرقون، والفنانون الذين وفدوا من بلاد الغرب، وبهرهم سحر الشرق، وجذبتهم أحياء مصر الشعبية، سجلوا من خلال كتاباتهم ورسومهم تفاصيل الاحتفالات الشعبية التي عرفتها مصر قبل قرون مضت في مناسبات عدة، إلى جانب احتفالاتهم الصاخبة بموالد الأولياء والقديسين، فإن الصور نفسها تتكرر اليوم في مدن وقرى ونجوع مصر احتفالاً بذكرى المولد النبوي الشريف، في احتفالات تنطلق قبل حلول شهر ربيع الأول وطوال أيامه ولياليه.

ويستبق المصريون قدوم ذكرى المولد النبوي الشريف كل عام، بالاستعداد لإقامة احتفالات دينية وشعبية حاشدة وسط الميادين، وفي الساحات الدينية ودواوين العائلات التي تقيم مجالس للذكر وتلاوة القرآن الكريم وولائم الطعام.

وتعد احتفالات المولد النبوي الشريف في قرى مصر، مناسبة لتجمع أبناء القبائل والعائلات في الدواوين، والذين يشاركون في الإعداد للاحتفال، فيما تتشارك النساء في تجهيز خبز تلك الليالي الصاخبة التي تنتقل من ديوان إلى آخر طوال شهر ربيع الأول، وحتى ما بعد حلول شهر ربيع الثاني.

وتزدحم طوال شهر ربيع الأول الساحات الدينية، مثل ساحة الشيخ الطيب في البر الغربي لمدينة الأقصر ، مسقط رأس فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وساحة سيدي "أبو الحجاج الأقصري"، ، والساحة الرضوانية، بالزوار والمريدين حيث تنتظم مجالس الذكر الشرعي والدروس والخطب الدينية مساء كل يوم .

ويوم ذكرى المولد النبوي الشريف، يخرج الدراويش من مريدي الجماعات الصوفية في مواكب شعبية يشارك فيها الصناع والتجار وكافة فئات الشعب، وتتحرك على ضربات الطبول والدفوف، ورقصات الخيول، يتقدمها راكبوا الإبل المزدانة بأقمشة من الحرير، ويطوف الجميع شوارع المدن والقرى وسط مظاهر الفرح والبهجة. وينتشر باعة حلوى المولد النبوي في كافة الشوارع والميادين، ويقبل الناس على شراء الحلوى وعروس المولد لأبنائهم الصغار.

وإلى جانب هذه الاحتفالات الشعبية الصاخبة التي تنتشر في كل مكان، تنتظم في القرى احتفالات شعبية أخرى هي مهرجانات "المرماح" والتي تشهد منافسات بين الرجال والشباب في التسابق من أجل إظهار الفروسية، بجانب "ترقيص الخيول" التي تتراقص في مشهد لافت كلما توقف الفارس بفرسه أمام المنصة التي يقف عليها أعضاء فرقة المزمار البلدي.

ويحظى "المرماح" بمكانة كبيرة في الثقافة الشعبية المصرية، كما أن له حضوره في الأدب والشعر والدراما، ومن أمثلة ذلك ما جاء في رواية "سيرة الشيخ نور الدين" للدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، حيث كتب: "نصـب المرماح وسط الميدان.. الفرسان يتسابقون ... تجمع أناس كثيرون يحمسـون الفرسان ... وظهـر نـور الديـن فـي الميدان فوق فرسه".

وقال الباحث المصري، الراحل، كرم الأبنودي إن كلمة "مرماح" تطلق على لعبة الفروسية وركوب الخيل. وتُعرف المصادر العربية المرماح بأنه حلقة السباق أو ترقيص الخيل، وهي ساحة يمهدها الفرسان واللاعبون وقد تكون دائرية أو مستطيلة، أو واديا رمليا ناعما منبسطا.

وإذا ما أقيم المرماح في قرية ما، فإن جمهوره من عشاق الخيول ومحبي الفروسية، يتجمعون من قرى ومدن ومحافظات بعيدة إما للمشاركة مع خيولهم، أو الاستمتاع بمشاهدة تلك المنافسات بين "الخيّالة" الذين يرقصون بخيولهم، ويتسابقون بقوة على وقع الطبول وأنغام المزمار البلدي.

ولا تخلو المواكب الشعبية التي تطوف الكثير من مدن وقرى مصر، في مناسبة ذكرى المولد النبوي ، من ممارسة الرجال والشباب للعبة "التحطيب"، أو لعبة "العصا" كما يطلق عليها البعض، حيث يتبارون فيما بينهم في اللعب والرقص والمبارزة بالعصا، وسط دائرة تحيط بها الناس من كل جانب، ويجرى ذلك على وقع الطبول وأنغام المزمار.

وتنظم لعبة " التحطيب" الشعبية الشهيرة في مصر ، وبخاصة في مدن وقرى الصعيد ، قوانين وحكام ومنظمين يتمتعون بشهرة في الأوساط الشعبية، وهي لعبة ينشط ممارسوها في المناسبات الشعبية مثل موالد العارفين والأولياء.