استخدام السلاح النووي
كابوس السلاح النووي والحرب العالمية الثالثه يطارد العالم
يقف العالم على أطراف أصابعه مع دخول الحرب الروسية ضد أوكرانيا منعطفا هو الأخطر منذ بداية العمليات العسكرية في 24 فبراير الماضي ، بعد تهديد الرئيس فلاديمير بوتين مجددا باللجوء إلى استخدام السلاح النووي ، ما يضع البشرية أمام خطر محدق يهددها بالفناء.
وعلى الرغم من ذهاب البعض في تحليلهم لتهديد الرئيس الروسي هذه المرة بأنه علامة على اليأس في ظل التراجع عسكريا على أرض المعركة أمام القوات الأوكرانية وحلفائها ، وأنه من باب إثارة الفزع لدى المعسكر الآخر ، أخد فريق آخر ذلك على محمل الجد ، واضعا نصب عينيه كلامات بوتين وهو يؤكد بحزم أن تحذيره "ليس مزحة" وأن موسكو لديها "أسلحة دمار مختلفة" وأنه سوف يستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبها.
تهديد الرئيس الروسي
وفي هذا السياق ، قالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية إن تهديد الرئيس الروسي "أثار مخاوف جديدة من قبل الغرب من أن الهجوم الشامل للكرملين بدا وكأنه يلوح في الأفق".
ونقلت المجلة عن مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، هانز كريستنسن، قوله إن "بوتين، يمكن أن يتحرك بشكل أسرع مع الأسلحة طويلة المدى، والتي هي بالفعل في حالة تأهب قصوى، بدلا من الأسلحة قصيرة المدى، والتي يتعين على روسيا إخراجها من مخزوناتها الاستراتيجية".
وأضاف: "يمكن توقع استخدام أسلحة بعيدة المدى إذا تم نقل قاذفات أرضية متنقلة أو غواصات مجهزة أو صواريخ كروز بأعداد أكبر من المعتاد".
ونقلت "نيوزويك" عن اتحاد العلماء الأمريكيين أن روسيا تمتلك أكبر مخزون من الرؤوس الحربية النووية في العالم بإجمالي 5977 رأسا، بينما تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بـ 4428 رأسا، تليها فرنسا بـ290.
من جانبها، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الغرب تجاهل ما وصفته بـ"خدعة بوتين النووية" وتعهد بمواصلة دعم أوكرانيا ، مشيرة إلى تقليل الحلفاء من خطورة استراتيجية التصعيد التي تنتهجها روسيا، قائلين إن التهديدات لن توسع الانقسامات بين دول الناتو.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مسؤولين ومحللين قولهم، إن "تصريحات بوتين، وتهديده بضربة نووية، كانت محاولة يائسة لاختبار قوة الدعم الغربي لكييف".
ورأت الصحيفة البريطانية أن تهديدات بوتين، لا يمكنها شق صف دول الناتو، على الرغم من تزايد خطر نشوب صراع شامل بين روسيا والحلف بسبب دعم الأخير لأوكرانيا، معتبرة تصريحات الرئيس الروسي "تعثرا لرجل تنفد أفكاره".
بدورها، قالت صحيفة بوليتيكو الأمريكية إن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا، مع تزايد الدعوات لـ"عقوبات فورية" ، وتحدثت الصحيفة عن أن الإجراءات العقابية الجديدة تشمل تحديد سقف لسعر النفط الروسي ومعاقبة المزيد من الأفراد المرتبطين بالكرملين ، فضلا عن إرسال المزيد من الأسلحة إلى كييف.
في غضون ذلك ، رأت مجلة فورين بوليسي أن بوتين زاد من "عدوانيته" عندما أعلن عن تعبئة جزئية للجيش الذي عاني من انتكاسات عدة في الفترة الأخيرة.
واعتبرت المجلة الأمريكية أن الرئيس الروسي يخاطر بإثارة اضطرابات داخلية في بلاده رفضا لهذا القرار ، الذي أشارت إلى أنه اضطر إليه في ظل "الأداء السيئ لقواته في الحرب وخسارة الأراضي" التي كانت تسيطر عليها لصالح القوات الأوكرانية.
وأضافت: "بوتين وجد نفسه بين مطرقة الضغوط المتزايدة من جانب الصقور الروس في المؤسسات الأمنية الذين دعوا إلى تعبئة واسعة، وسندان المخاوف من أن القيام بذلك قد يحدث اضطرابات داخلية".
من جانبها، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن الرئيس الروسي يواجه "أكبر اختبار لحياته السياسية" بعد إعلانه التعبئة، معتبرة القرار، مقياسا لحجم الضرر الذي لحق بالجيش الروسي خلال العملية العسكرية المستمرة منذ سبعة أشهر.
وقالت :"تهدف خطة التعبئة لتحذير العواصم الغربية من عزم موسكو على تحقيق النصر بأي شكل من الأشكال، وذلك بعد قرار حظي باستحسان القوميين الروس الذين اتهموا بوتين بالفشل في إدارة الحرب".
ونقلت الصحيفة عن محللين روس أنهم يعلمون جيدا أن التعبئة الكاملة "ليست مخرجا لبوتين لأنها ستخلق استياء حقيقيا". وأضافوا أن "هذا هو ما دفع بوتين، إلى استبدال التعبئة الكاملة بأخرى جزئية".
وفي سياق متصل ، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن روب لي، وهو محلل في برنامج أوراسيا التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية، قوله إن الإعلان يعد "أحد أهم وأخطر القرارات السياسية التي اتخذها بوتين على الإطلاق".
ورأى" لي" أن التعبئة الجزئية "ستساعد في منع انهيار القوات الروسية في أوكرانيا ، لكن القوات الروسية الجديدة ستفتقر إلى الروح المعنوية والتماسك فيما بينها ، ما ينذر بانهيار وشيك".
وفي محاولة من جانبها فيما يبدو لتهدئة الغاضبين والمتخوفين من قرار التعبئة ، أكدت الأركان العامة الروسية أن جميع المجندين للخدمة الإلزامية سيتم تسريحهم بعد انتهاء مدد خدمتهم، وأنها لن تلحقهم بالعملية الروسية في أوكرانيا، ولن ترسلهم إلى خارج البلاد.
وأكدت أن حملة التجنيد الإلزامية ستجري في المواعيد المحددة حسب التشريعات الروسية وبنظامها الطبيعي، مشيرة إلى أن جميع المجندين سيؤدون خدمتهم على أراضي روسيا.
وما بين تحليلات مختلفة ورؤى متباينة لحقيقة الموقف ، تظل هناك وقائع على الأرض وتطورات متلاحقة تتحكم في رسم المشهد وتداعياته، فهناك تهديد روسي باستخدام السلاح النووي جاء متزامنا مع استفتاءات في دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا، على الانضمام إلى روسيا ، وهو ما يعني أن هذه المناطق ربما تصبح جزءا من الأراضي الروسية في غضون أسبوع ، ومن ثم يصبح الاعتداء عليها اعتداء على روسيا.
ويرى مراقبون أن الرد الروسي على مثل هذا السيناريو يعني انزلاق المعارك واتساع رقعتها مع تدخل فاعل محتمل لحلفاء أوكرانيا ، ما يضع العالم أمام حرب عالمية ثالثة ، لا يستبعد استخدام السلاح النووي فيها.