"ليه سابل دولون" .. قِبلة لعشاق سباقات اليخوت

تقع مدينة "ليه سابل دولون" على الساحل الغربي لفرنسا على المحيط الأطلنطي، وتتمتع بشواطيء خلابة، كما أنها تعد بمثابة قِبلة لعشاق سباقات اليخوت.

ويعتبر حي "لا شوم" أقدم أحياء مدينة ليه سابل دولون ويطل على خليج "بسكايا"، ويعيش في هذا الحي قبطان أعالي البحار "رولان مورنيه". وقد بدأ القبطان "رولان مونيه" حياته المهنية بالفعل عندما كان عمره 14 عاما بعدما أنهى تعليمه المدرسي، وعمل على متن سفينة صيد، ولكن بمجرد أن تركت السفينة حاجز الأمواج في الميناء ورائها، شعر الصبي الصغير بالغثيان ولم يتمكن من التمييز ما بين السماء والأرض، وخشى ألا يرى والدته مرة أخرى.

وأوضح القبطان "رولان مونيه" أن هذا القلق لم يكن وليد الصدفة، وأضاف قائلا: "لقد شاهدت حطام السفن في وقت مبكر". وترسخت صورة الصراخ والبكاء للجيران الذي فقدوا ذويهم في ذاكرة "رولان مونيه" إلى الأبد، ولم يكن قد بلغ الرابعة من عمره في 4 أبريل/نيسان عام 1947 عندما انتشر خبر غرق اثنين من سفن الصيد على متنهم خمسة رجال، وقد فقدت جارته العجوز اثنين من أبنائها بسبب هبوب عاصفة شديدة.

وبعد مرور 40 عاما على هذه الحادثة نظم البحار "فيليب جينتوت" أحد سباقات المسافات الطويلة في مدينة ليه سابل دولون في عام 1989، وقد بدا هذا البحار كأنه انتحاري، حيث أبحر بمفرده حول أعنف ثلاثة رؤوس في نصف الكرة الجنوبي بدون توقف.

سباق "فيندي جلوب"

ومن هذا التاريخ بدأ سباق اليخوت العالمي "فيندي جلوب"، وقد سمى هذا السباق على اسم القسم، الذي يبدأ وينتهي فيه، ويقام هذا السباق كل أربعة سنوات، وقد تم تنظيم آخر دورة لهذا السباق في شتاء 2022/2021، ولتعزيز الجوانب الاقتصادية للمدينة فقد تم تنظيم العديد من سباقات الإبحار الأخرى، وتشهد المدينة في المتوسط إقامة سباقين إلى ثلاث سباقات للقوارب واليخوت كل عام.

وأوضحت كريستينا مولر في معرض حديثها لمجلة "يخت" المتخصصة قائلة: "لقد أصبحت مدينة ليه سابل دولون مركزا لسباقات الإبحار المنفردة؛ حيث تنتشر قوارب الإبحار في كل مكان، وهناك قوارب مثيرة في ميناء اليخوت وتظهر أجواء احتفالية وشعبية عند تنظيم السباقات الكبيرة".

سباق "جولدن جلوب ريس"

ومع بداية شهر أيلول/سبتمبر ينطلق سباق "جولدن جلوب ريس"، الذي يمتاز بحظر استعمال المعدات التقنية الحديثة، على عكس سباق "فيندي جلوب". وأوضحت كريستيانا مولر الفرق بين السباقين بقولها: "يمكن للبعض أن يجوبوا العالم بواسطة سيارة فولكس فاجن بها مكبح يد فقط، في حين يعتمد البعض الآخر سيارة فيراري". ومن المتوقع أن يعود المتسابقون في هذا السباق إلى الساحل الغربي لفرنسا خلال حزيران/يونيو 2023.

وعلى مدى أربعة عقود يبحر "رولان مونيه" بمفرده على متن القارب ويصطحب معه آلة السدس الفلكية وخريطة بحرية، وكما تعتاد المعدة على إيقاع البحر، فإنه يكون من الأسهل التعود على التوجه في البحار المفتوحة بواسطة الأجرام السماوية، وعلل القبطان السابق ذلك بقوله أنه كان على معرفة جيدة "بالملاحة الفلكية".

ولقد قدم القبطان "رولان مونيه" هذه المعرفة من خلال إقامة معرض في المتحف البحري المقام في المنارة السابقة في حي "لا شوم"، ولقد تبرع القبطان ببعض المعروضات ويقوم بشرحها للزوار بشكل شخصي عندما يكون متواجدا في المتحف البحري.

وأوضح "رولان مونيه" قائلا: "عادة ما تجتذب سباقات اليخوت أعدادا أكبر من الأشخاص مقارنة بسباقات الصيد والإبحار، ولذلك فإن مدينة ليه سابل دولون تعتبر ثالث أهم مدينة تجارية للأسماك في فرنسا، ومع ذلك لم يعد الصيادون يعيشون في الحي القديم في المدينة بين الميناء والبحر".