مركز الأزهر العالمي للفتوي الالكترونية
الأزهر: قتل النفس التي حرم الله كبيرة من أبشع الجرائم غلظ الإسلام عقوبتها
قال مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية إن الإنسان بنيان الله، وحفِظَ الإسلام النَّفسَ، ووضع لهذه الغاية العُظمى منظومة تشريعية مُتكاملة، تقيم مجتمعًا سويًّا فاضلًا.
وأضاف مركز الأزهر في بيان له بأن حياة الإنسان ملك لخالقه سبحانه، والاعتداء على حقّه في الحياة جريمة نكراء من أكبر الكبائر، سواء أكان الاعتداء من الإنسان على أخيه الإنسان، أو من الإنسان على نفسه بالانتحار.
جاء ذلك عقب الأحداث المثيرة التي شهدتها مصر أول أمس، والتي قام فيها شاب بكلية الآداب جامعة المنصورة بالتعدى على زميلته وقتلها أمام الجامعة، مروراً بانتحار شاب بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة، وانتهاء بمحاولة شاب آخر الانتحار بسيارته من فوق كوبري بالمنصورة.
وأشار الأزهر بأن قتل النفس التي حرّم الله كبيرة من أبشع الجرائم، غلّظ عليها الإسلام العقوبة؛ فقال سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسَۢا بِغَيۡرِ نَفْسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتْهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنْهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسرِفُونَ}. [المائدة: 32]
وقال سبحانه عن جريمة الانتحار: {...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. [النساء: 29 -31].
وتابع المركز بأن الالتزام بالدين ومعرفة الشرع وعاقبة الكبائر يحجز الإنسان عن الجرائم التي عدّها الإسلام من كبائر الذنوب، وجهالة الدين وغياب الوعي والضمير من أسباب الجرأة على حدود الله وحقوق الناس، وفاعل هذه الجرائم البشعة مُتجرد من كل قيم وتعاليم الدين بل والإنسانية.
لاتوجد محنه في الدنيا تبرر إزهاق الإنسان روحه أو التعدى على غيره
وأكد الأزهر للفتوي بأنه لا توجد محنة في الدنيا تُبرر إزهاق الإنسان روحه، أو أن يعتدي على غيره، بل لكل مِحنة سبيل فرج، وبعد العسر يأتي من الله اليسر، والدنيا دار ابتلاء ومكابدة، والعبد مأمور بالصّبر والعمل، وموعود بالفوز والجنّة، إذا توكّل على ربّه وأحسن الظَّنَّ فيه وأخذ بالأسباب المشروعة.
ونوه إلى أن قيام الدّولة بالقصاص من القاتل، حقٌّ عامٌّ للدولة وللمقتول ولأهله وللمجتمع كله، حتى ينتشر بساط الأمن فيه؛ قال الله سبحانه: {وَلَكُمْ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِي ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[البقرة: 179]
وطالب الأزهر بتوقيع أقصى العقوبات على المُجرمين المُتجاوزين حدود الدين والإنسانية بجرائمهم البشعة، ورؤية الناس لمآلهم ونهايتهم، يزجر عن ارتكاب جرائم مُماثلة، وينشر الأمن وبساط عدالة القانون في المُجتمع.
وشدد بضرورة إعادة صياغة المُحتوى الإعلامي بشكل عام، والفنّي بشكل خاص، بما يناسب قيم المجتمع المصري والعربي وهُوّيّته وثقافته، ويدعم تصحيح المسار السّلوكي لأبنائه، ويعزّز أمن المجتمع واستقراره؛ واجبٌ شرعيٌّ ووطني.
وأكد بأنه لا مبرر لجريمة قتل النّفس مُطلقًا، سواء في ذلك قتل الإنسان لأخيه الإنسان أم اعتداء الإنسان على نفسه بالانتحار، بل تبرير الجرائم جريمة كُبرى كذلك.
وأضاف الأزهر تكريم الإسلام المرأة، ووصّى بها سيدنا رسول الله ﷺ خيرًا، ولا يجني المُجتمع من محاولات تسليعها في كثير من المحتويات الترفيهية إلا مزيدًا من انتهاك حقوقها، والتجرؤ البغيض عليها.
وبين المركز بأن الخوض في أعراض المسلمين سيما من أسلم روحه لبارئه سبحانه سلوك مُحرَّم، وإيذاء مذموم للأحياء والأموات، ذمّ الله صاحبه في القرآن الكريم، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. [ الأحزاب: 58]
وتابع الانتقاص من أخلاق المُحجَّبة أو غير المُحجَّبة؛ أمرٌ يُحرِّمه الدِّين، ويرفضه أصحاب الفِطرة السَّليمة، واتخاذه ذريعة للاعتداء عليها جريمة كبرى ومُنكرة.
واستكمل الأزهر بأن للمجتمع الإيجابي دورٌ واعٍ في وأد الجرائم، وحسن التّخلص من أجزائه المفسدة المُخرّبة، بالاتحاد والفاعلية والحفاظ على القانون، أما السلبية مع القدرة على منع المعتدي، والاكتفاء بتصوير الجرائم عن بُعد، فأمور تساعد على تفاقم الجريمة وتجرؤ المُجرمين.
وصرح بأن تداول مقاطع الجرائم المُصوَّرة، وتكرار نشرها على مواقع التّواصل الاجتماعي ينشر الفزع بين أبناء المُجتمع، ويُنافي قيم الرَّأفة، والرَّحمة، والسِّتر، ومراعاة تألم ذوي الضَّحيَّة، وخُصوصيتها.
وتابع تشويهُ معنى القُدوة ينشر الانحلال الخُلقي، والجريمة، ويُزيّف الوعي، ويُفسد الفِطرة، والنَّماذج السَّيئة في المُجتمعات التي تروّع الآمنين وتحمل السِّلاح؛ لا يُحتفَى بها، ولا تقدم كأبطال في المُحتويات الدّراميّة والغِنائيّة، ولا يُتعاطف مع خطئها، بل تُبغَّض أفعالها، ويُحذَّر النَّاس منها.
واختتم الأزهر كلامه بأنه لابد من صناعة القُدوات الصَّالحة المُلهِمة، وتسليط الضَّوء على النَّماذج الإيجابية المُشرِّفة من أهم أدوار الإعلام الرَّفيعة في بناء وعي الأمم، وتحسين أخلاق الشَّباب، وانحسار الجرائم.