قال فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: يحبب إلينا ك

الصفقة,السيدة خديجة,مفتي الجمهورية,زكاة الفطر,مصر

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

مفتي الجمهورية: إخراج زكاة الفطر عن الجنين أمر لا مانع فيه

قال فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: يحبَّب إلينا كثيرًا أن نصف هذا البيت ببيت النبوة لأنَّه البيت الأشرف والأكمل الذي عُمر بهذه الأنفس الطيبة المباركة على مستوى أمهات المؤمنين وعلى مستوى الأولاد وعلى مستوى الخدم الذين كانوا يخدمونهم جميعًا. 



السيدة خديجة شخصية فريدة لا تتكرَّر في تاريخ البشرية

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "مكارم الأخلاق في بيت النبوة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، اليوم، مضيفًا فضيلته أن وصف البيت النبوي الكريم هو أمر محبَّب في الحقيقة حيث نطل منه على نمط من المعيشة اتَّسم بالربانية مع عنصر البشرية الموجود ومشاكل الحياة.  

ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن السيدة خديجة عنصر فريد لا يتكرَّر في تاريخ البشرية وفي عمر العلاقات الزوجية، وشخصية مميزة تستحق الدراسة بشكل مفصَّل؛ فهي سيدة كبيرة المقام، وكانت سيدة أعمال بلُغتنا المعاصرة، وكانت سيِّدة قومها وتُعرف بالحكمة، حتى أزواجها قبل رسول الله كانوا من أكابر قريش، ولم تكن سيدة عادية، بل كان الجميع يخطب ودَّها، وكانت لها استقلالية مالية ولها وكلاء يتاجرون لها شرقًا وغربًا. 

وأكد مفتي الجمهورية أن السيدة خديجة سيدة عظيمة تزوجت برجل عظيم وهو النبي الكريم وذلك قبل البعثة النبوية لما اتَّصف به النبي من صفات راقية ورائعة؛ فقد تربي عليه الصلاة والسلام تربية صالحة وكيف لا وأصله طيب مبارك سلسلته كلها من نكاح شرعي! فهو كما قيل ابن الذبيحين وهما: سيدنا إسماعيل وسيدنا عبد الله أبوه، فقد كانا محل الفداء والتضحية، وفي هذا دلالة على علو الشأن. وكذلك كان النبي في مرحلة الشباب نموذجًا وقدوة، وكانوا في قريش عندما يختلفون في شيء يحتكمون إليه، مثلما حدث عندما اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في الكعبة بعد تجديدها، وكادوا يقتتلون، فقالوا نحكِّم أول مَن يدخل علينا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو أول الداخلين، فاستبشروا وقالوا: هذا الأمين! رضينا، هذا محمد. وما إن انتهى إليهم حتى أخبروه الخبر، فقال: "هلمَّ إليَّ ثوبًا"، فأتَوه به فوضع الحجر في وسطه ثم قال: "لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعًا" ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه. وفي هذا معنى كبير لوأد الفتنة وتحقيق الاستقرار المجتمعي بعدما نال الجميع شرف المشاركة، بل كان ترسيخًا للحكمة والاحتواء ولمِّ الشمل؛ فكل هذه الصفات المباركة فضلًا عن أمانته وصدقه لفتت نظر السيدة خديجة له ليكون زوجًا مباركًا لها قبل البعثة. 

وأضاف: وبعض الروايات تقول إن السيدة خديجة هي التي خطبت رسول الله صلى الله عليها وسلم، أو أنها هي التي طلبت رسول الله للزواج منها، وفي هذا دلالات كثيرة، منها أنَّ النبي لم يكن طامعًا فيها قبل البعثة، بل فيه تزكية وتقدير للنبي بأن ترغب أكابر النساء في خطبته، ولذلك نجد بعض الآراء الفقهية بناءً على ذلك ترى جواز أن تخطب المرأة الرجل. 

وردًّا على سؤال يقول: "هل هناك أحد تسمَّى باسم "محمد" قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل كان الاسم شائعًا في قريش؟" قال فضيلته: إن هناك من العرب من سموا أبناءهم بهذا الاسم لمَّا سمعوا من أصحاب الديانات الأخرى أن هناك نبوءة تفيد بأنه سيبعث في هذا الزمان نبي من أشهر أسمائه محمد، فرجوا أن يكون منهم، ولكن لم يدَّعِ واحد من هؤلاء النبوة قط، فضلًا عن عدم توافر صفات خاتم الأنبياء إلا فيه عليه الصلاة والسلام. واختلف العلماء في تعداد من تسمَّى من أبناء الجاهلية بهذا الاسم، فذهب بعض العلماء إلى أن هناك أربعة تسمَّوا بمحمد، وهو اسم مبارك والتسمي به أو بغيره من أسمائه هو أمر طيب بلا شك، لدرجة أن البعض خاف أن يسمي ولده محمدًا فيُسب هذا الولد فأضاف حرف ألف قبل الاسم فكان "أمحمد" حتى لا يرتبط السبُّ بذِكر النبي الكريم، وهي نية طيبة، ولكن هذا أمر بعيد عن التصور الذهني.  وردًّا على سؤال عن حكم استحباب التسمي باسم محمد ونحوه استنادًا للحديث المشهور "خير الأسماء ما عبِّد وحمِّد" قال فضيلته: هذه الأحاديث بهذا اللفظ فيها كلام بين العلماء من حيث الثبوت، ولكن معناها لطيف وصحيح، والتسمِّي باسمه عليه السلام أو بأيٍّ من أسمائه فيه دلالة بلا شك على التعلُّق به والحب له.

 وفي سياق متصل قال فضيلته: إن أصحاب الفكر الوافد ضيَّقوا على الناس حتى في بعض الأسماء الطيبة والمباحة، كقولهم بعدم جواز التسمية بعبد الرسول وعبد النبي، والأفضل إضافة رب بينهما، والحقيقة أنه يجوز ذلك لما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، وجرى عليه العمل سلفًا وخلفًا، بل هناك فتاوى رسمية كثيرة لنا صادرة من الدار قديمًا وحديثًا، واسم عبد الرسول أو عبد النبي يعني الطاعة والموالاة للرسول صلى الله عليه وسلم، وليس المقصد منه التعبُّد له، ولا يعني الشرك بالله عزَّ وجلَّ كما يدَّعي أصحاب الفكر الوافد. 

 

وردًّا على سؤال يستفسر عن حكم "إخراج الابن زكاة الفطر عن أبيه غير القادر وكذلك المرأة القادرة عن زوجها المريض أو المتعطل عن العمل مؤقتًا"، قال فضيلة المفتي: إنَّ الشخص الذي يعول الأسرة أيًّا كانت مكانته في الأسرة هو المسئول عن إخراج زكاة الفطر، وعلى هذا فلا مانع من قيام هذا الابن بذلك. 

وأجاب فضيلة المفتي على سؤال لمشاهدة تقول: لقد تكلمتم في حلقات سابقة عن زكاة المال والفطر ولم تتكلموا عن زكاة الذهب أو الحُلي المستخدم في الزينة؛ فقال فضيلة مفتي الجمهورية: يجب التفرقة بين غرضين لاقتناء الذهب؛ الغرض الأول غرض الزينة، والثاني غرض الادِّخار؛ فإذا كان الذهب للزينة مهما بلغت قيمته وهو أمر يختلف من مدينة إلى أخرى حسب العرف والتقاليد، فلا زكاة فيه، وأما إذا كان لغرض الادِّخار فيجب عليه الزكاة إذا توافرت فيه عدَّة شروط، منها بلوغ النصاب وهو 85 جرام عيار 21، ومرور الحول عليه وهو عام هجري كامل؛ فحينئذٍ نخرج عليه ما قيمته 2.5 % من قيمة الذهب. 

وعن حكم زكاة الفطر على الجنين قال فضيلة المفتي: جمهور الفقهاء لا يوجبون زكاة الفطر عن الجنين، وهو المفتى به في الديار المصرية، فإذا وُلد الطفل قبل غروب شمس آخرِ يومٍ من رمضان أخرجت عنه زكاة الفطر، أما إذا غربت شمس آخرِ يومٍ من رمضان وهو في بطن أمه فلا يجب إخراجها عنه، ومن أراد الإخراج عن الجنين فالأمر فيه سَعة ولا مانع أن يقلِّد قول مَن قال بذلك من أهل العلم.