سوق السيارات تتخطي عقبتي "زيرو جمارك" و"كورونا" وتعاود التحسن
عبد الحميد خليفة
"الصفقة" تحلل المؤشرات الحالية للسوق المحلية.. خبراء: تفاؤل عام حول مستقبل المبيعات مع بدء إجراءات التعايش مع الجائحة.. تجار: مستمرون في التخفيضات.. وتحسن بعمليات البيع والشراء بعد طرح موديلات 2021
شهد قطاع صناعة السيارات العديد من الأحداث والأزمات خلال الربع الأول من العام الجاري ، منها ما أنعش ذلك القطاع و منها ما هدده بالتوقف, مع بدء تطبيق الشريحة الأخيرة من اتفاقية الشراكة المصرية – الأوروبية، و التي ألغت الجمارك علي الواردات من السيارات الأوروبية نهاية العام الماضي، وبدء تطبيق اتفاقية الشراكة المصرية – التركية مطلع هذا العام، واستيراد السيارات بـ"صفر جمارك"، بالإضافة إلي انخفاض سعر صرف الدولار، ثم مرور أمور أعطت مؤشرات قوية لانتعاش تجارة و تصنيع السيارات، بينما تلوح في الأفق مناقشة إستراتيجية صناعة السيارات في مصر مرة أخرى، ومواجهة تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا، والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مصر لمواجهة هذا الوباء -والتي شملت تعليق التراخيص الجديدة لأكثر من شهر، وتحديد مواعيد فتح المحال التجارية- وتسببها في شلل تام في مبيعات السيارات الجديدة، تطلبت إعادة النظر في أوضاع الأسواق في الوقت الراهن و استقراء المؤشر لا المستقبلية في محاولة للتعرف علي وضع تلك الصناعة الهامة خلال العام الحالي.
ورغم التحديات والأزمات التي ضربت الأسواق خلال الشهور القليلة الماضية ، إلا أن مبيعات السيارات شهدت نموا كبيرا مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، فوفقا لما كشفته بيانات مجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، فإن مبيعات سيارات الركوب ارتفعت بنسبة 58% لتسجل 37.011 ألف سيارة خلال الربع الأول من 2020، مقابل 23.402 ألف سيارة خلال الربع الأول من 2019، وبالرغم من توقف حركة البيع بشكل مؤقت منذ تفشي فيروس كورونا إلا أن ذلك يرجع إلي ارتفاع المبيعات خلال شهري يناير و فبراير من العام الحالي حيث سجلا ارتفاعا بنسبة 68% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي طبقا لنفس التقرير السابق.
وتستعرض مجلة "الصفقة" في التقرير التالي تحليلًا كاملًا لسوق السيارات خلال الربع الأول من 2020، لكونها الداعم الرئيسي لصناعة السيارات في مصر مستعينة بآراء بعض خبراء القطاع.
"زيرو جمارك" على التركي
حمل مطلع عام 2020، بشائر الخير لمستهلكي السيارات والوكلاء، نتيجة رواج المبيعات، حيث أعلنت عدة شركات عن تخفيض أسعار طرازاتها بقيمة وصلت إلى 50 ألف جنيه على السيارات الاقتصادية، مما أدى إلى زيادة الإقبال على الشراء وساهم في إنعاش حركة المبيعات بشكل كبير مقارنة بنفس الفترة من 2019.
انخفاض أسعار السيارات مطلع العام الجاري، كان له عدة أسباب، أولها؛ تطبيق "زيرو جمارك" على السيارات الواردة من تركيا، وأبرزها تويوتا كورولا وفيات تيبو ورينو ميجان، وسرعان ما انخفضت أسعار "كورولا" و"تيبو"، بقيمة تراوحت بين 10 إلى 25 ألف جنيه.
وتعد السيارتان تويوتا كورولا وفيات تيبو، من أبرز السيارات التي يفضلها المستهلك المصري، نظرا لتوافرهما بمواصفات كثيرة، وأسعار تنافسية، وسمعة الوكيل التي ساهمت في انتشارهما بالسوق المصرية، ونتيجة تخفيض أسعارهم، سارع العديد من وكلاء السيارات في مصر، بالإعلان عن تخفيض أسعار طرازهم وتقديم عروض ترويجية بهدف المنافسة في السوق.
وقال المستشار أسامة أبو المجد، رئيس مجلس إدارة رابطة تجار السيارات في مصر، إن تطبيق الشريحة الأخيرة على اتفاقية الشراكة المصرية التركية بعد وصول رسوم الجمارك "صفر"، تسبب في تخفيض عدد كبير من الطرازات بهدف المنافسة في السوق المحلية.
تراجع سعر صرف الدولار
يعد تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، بنحو جنيهان، سببا آخر في تخفيض أسعار السيارات المستوردة، ليقرر الوكلاء تخفيض الأسعار استجابة لتراجع العملة الأمريكية، مؤكدين أن الأسعار ستنخفض كلما انخفض سعر العملة.
وشهد شهر يناير الماضي، حالة من الترقب والانتظار من قبل الوكلاء والمستهلكين، لحين استقرار الأسعار، لكن الشركات استمرت في تقديم تخفيض بعض الطرازات الجديدة، بنسب تراوحت بين 3 آلاف جنيه وحتى 60 ألف جنيه، وذلك استمرارًا لموجة تراجع الأسعار بالسوق المحلية منذ بداية عام 2020، ذلك بعد إعفاء السيارات الواردة من تركيا من الرسوم الجمركية، وتعديل وكلاء السيارات للأسعار للحفاظ على التنافسية.
هكذا علق المهندس علاء السبع، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، على إعلان بعض الوكلاء عن تخفيض الأسعار مضيفا أن بعض وكلاء السيارات قدموا خصومات على طرزاتهم نتيجة تراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى المنافسة بين شركات السيارات، مؤكدا أن الدولار يعد العامل الأساسي المتحكم في أسعار السيارات وأي تراجع كبير في قيمة الدولار ينعكس بشكل مباشر علي أسعار السيارات تقريبا بنفس قيمة الانخفاض التي تعبر عن تراجع سعر الدولار.
رغم التخفيضات .. بعض الطرازات شهدت عودة الـ"أوفر برايس"
ورغم تراجع أسعار الكثير من الطرازات، إلا أن ظاهرة الـ"أوفر برايس" عادت مجددا على بعض السيارات في السوق المصرية، رغم ضعف حركة المبيعات خلال الفترة الحالية، وتقديم الوكلاء عروضًا ترويجية، وتخفيض الأسعار على بعض الموديلات.
ومن أبرز السيارات التي عادت إليها ظاهرة الأوفر برايس، تتمثل في MG 5 ويبلغ قيمة الأوفر برايس نحو 3 آلاف جنيه، ورينو لوجان موديل 2020 الذي يصل إلى 5 آلاف جنيه، بالإضافة إلى الفئة الأولى من فيات تيبو ويبلغ الأوفر برايس حوالي 5 آلاف جنيه، ووصلت في شهر مارس الماضي حوالي 18 ألف جنيه.
وطال الأوفر برايس تويوتا كورولا بزيادة نحو 6 آلاف جنيه، وبيجو 301 بقيمة 5 آلاف جنيه، وهيونداي النترا hd بقيمة 5 ألاف جنيه، وشيفروليه N300 بقيمة 8 آلاف جنيه.
وظاهرة "الأوفر برايس" عبارة عن مبلغ مالي يضيفه الموزعون على السعر الرسمى المحدد من قبل الوكيل، نتيجة زيادة الطلب على السيارة مع قلة المعروض منها بالسوق. وسرعان ما اختفت الظاهرة على معظم هذه السيارات نتيجة تراجع حركة البيع والشراء في ظل الظروف التي تشهدها البلاد بسبب فيروس كورونا.
الإستراتيجية المنتظرة لتوطين صناعة السيارات
وخلال شهر فبراير الماضي، عادت مناقشة إستراتيجية صناعة السيارات إلى الساحة مرة أخرى، لتثير حالة من الجدل في القطاع، حيث قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية: إن الحكومة تناقش الإستراتيجية القومية لتوطين صناعة وسائل النقل ومكوناتها في مصر، مع التركيز على مستقبل صناعة السيارات والأتوبيسات الكهربائية، بالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، للاستفادة من الخبرات العالمية، وأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا العالمية في هذا الصدد، بهدف إنشاء مركز إقليمي لصناعة السيارات الكهربائية في مصر وفتح مجال التصدير إلى دول المنطقة، أخذًا في الاعتبار شق العائد الاقتصادي والبيئي من استخدام الكهرباء بدلاً من الوقود التقليدي.
وتناولت الحكومة في عدة اجتماعات كل الجوانب التصنيعية والمالية والتجارية لإستراتيجية توطين صناعة السيارات، وكذا التحديات المختلفة ذات الصلة وجهود جذب الاستثمارات الأجنبية في هذا الصدد، في ضوء أن مصر تعد سوقًا واعدة لصناعة وسائل النقل بشكلٍ عام، لا سيما السيارات والأتوبيسات الكهربائية، وكذلك المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي، وفق المشروع القومي لتحويل السيارات للعمل بالغاز.
ووافقت الحكومة على إستراتيجية صناعة السيارات الجديدة، بعد عقد عدة اجتماعات مع الوزارات المعنية، ومن المقرر أن يتم إرسالها إلى مجلس النواب لمناقشة البنود مع الوكلاء والمصنعين قبل إصدارها، ولكن تم تأجيلها بسبب أزمة فيروس كورونا ولعل تأخر صدور تلك الإستراتيجية بملامح وإجراءات واضحة كان له أثرا كبيرا في خلق مناخ من الترقب بين مصنعي السيارات.
كورونا أثار سلبية.. وتفاؤل عام حول مستقبل سوق السيارات
ورغم تحسن المبيعات مقارنة بالعام الماضي، إلا أن حركة البيع توقفت خلال شهر مارس نتيجة تفشي فيروس كورونا، والذي تسبب في تعليق العمل في الكثير من مصانع السيارات بالخارج، لمواجهة الوباء، وتحويل خطوط الإنتاج لصناعة أجهزة التنفس.
وتسبب فيروس كورونا في تأجيل طرح العديد من الطرازات في السوق المحلية، وحرم العملاء والمستهلكين من الموديلات الجديدة، حيث أعلن بعض المصنعين بينهم مجموعة الأمل لتجميع وتصنيع السيارات عن توقف تجميع بعض الطرازات المحلية.
وأعلن بعض وكلاء السيارات عن تأخير طرح الموديلات الجديدة لمدة تتراوح بين شهرين إلى 3 أشهر نتيجة استمرار تفشي الفيروس، وضعف حركة المبيعات في السوق المحلية، في ظل تخوف المواطنين من الوباء.
وازداد الأمر سوا، بعدما قررت وزارة الداخلية، تعليق استخراج وتجديد تراخيص قيادة وتسيير المركبات اعتبارًا من 19 مارس حتى مايو الماضي، وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة للوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجد.
كما تقرر تعليق استخراج وتجديد رخص تسيير المركبات حتى التاريخ ذاته، على أن يكتفي لمن انتهت صلاحية رخصته بسداد الضريبة في المواعيد المقُررة قانوناً من خلال منافذ الدفع الإلكتروني "فوري" أو من خلال أحد مكاتب البريد.
وقال منتصر زيتون، عضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية وعضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات، إن تعليق تراخيص السيارات الجديدة في وحدات المرور، تسبب في شلل تام في حركة بيع وشراء السيارات، لافتا إلى أن المبيعات كانت شبه متوقفة تماما.
وأضاف زيتون في تصريحات خاصة، أن تعليق التراخيص تسبب في إغلاق أكثر من 50% من المعارض وأفرعها نتيجة توقف حركة المبيعات، وتسببت في خسائر البعض مشيرا إلى أن توقف حركة المبيعات اضطرت بعض أصحاب المعارض "الصغيرة" إلى تسريح عدد من موظفيها ووقف المرتبات فيما قام البعض الأخر بتخفيض رواتب الموظفين إلى 50%.
وأكد أن استئناف العمل في وحدات المرور وترخيص السيارات ساهم بشكل كبير في تحسن المبيعات، متوقعا نمو حركة المبيعات خلال الفترة المقبلة مع عودة الحياة إلى طبيعتها. وأكد أن بعض الشركات بدأت في طرح موديلاتها الجديدة لتلبية احتياجات المستهلكين، مع تقديمها في السوق المصرية بأسعار تنافسية لضمان جذب أكبر شريحة ممكنة من العملاء.
وفي السياق ذاته، أكد اللواء نور الدين درويش، نائب رئيس شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن تفشي فيروس كورونا في دول العالم أثر سلبا على حركة البيع والشراء خاصة خلال الفترة التي توقفت فيها استخراج تراخيص السيارات.
وأشار درويش إلى أن حصة السيارات الصينية في السوق المصرية تتراوح ما بين 8 و10% من إجمالي حجم السيارات المستوردة في مصر.
وأكد شعبان الحاوي، رئيس شركة الحاوي لتجارة السيارات، إن مبيعات السيارات شهدت تحسنًا ملحوظًا بنسبة وصلت إلى 70% مقارنة بشهر أبريل الماضي، نتيجة استئناف العمل بوحدات التراخيص وعودة تراخيص السيارات الزيرو .
وتوقع الحاوي، تحسن مبيعات السيارات خلال الفترة المقبلة رغم التحديات التي تواجه سوق السيارات في ظل تفشي فيروس كورونا، لافتا إلى أن أهم الأسباب التي تساهم في انتعاش حركة البيع والشراء، تتمثل في طرح موديلات جديدة، وتقديم عروض وتخفيضات على بعض الطرازات.
وأشار إلى أن تفشي فيروس كورونا حرم السوق المصري من طرازات جديدة كانت مقرر طرحها ولكن الوباء تسبب في تأجيل بعضها وإلغاء البعض الآخر.
طرح موديلات 2021
أكد الدكتور صلاح الكموني، عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية وعضو الشعبة العامة للسيارات بالاتحاد، أن طرح موديلات 2021 في السوق المصرية ساهم بشكل كبير في تحسين حركة البيع والشراء.
وأضاف الكموني، أن الأيام الماضية شهدت دخول سيارات كثيرة من موديل 2021 إلى السوق المصرية مما يعني أنها ستكون متوفرة بكميات تكفي احتياجات المستهلكين، وبالتالي ستنتهي ظاهرة الأوفر برايس التي عادت على بعض الطرازات.
وأشار إلى أن العامل الأساسي الذي تتوقف عليه حركة المبيعات في السوق المصري يتمثل في القدرة الشرائية لدى المواطنين، مؤكدًا أن الحالة الاقتصادية للمستهلكين تؤثر بشكل كبير على حركة المبيعات، لافتا إلى أن بعض شركات السيارات قدمت عروضا ترويجية وخصومات على بعض الموديلات الأخرى بهدف تحسين المبيعات وتصريف المخزون.