جون المصري
أوكرانيا واللعب مع الكبار
بعد خطاب فلاديمير بوتين الأخير و حديثه عن تاريخ الإتحاد السوفيتى و حقوق روسيا التى تم تجاهلها لسنوات طويلة و وصفه أوكرانيا بأنها ليست دولة بالمعنى الحقيقى يتضح لنا طبيعة و ماهية الصراع بين روسيا كقوة عظمى من جهة و أوروبا و أمريكا من جهة أخرى بينما تقف أوكرانيا فى بؤرة الصراع بين القوى الكبرى و هو صراع مصالح بالدرجة الأولى و هو للأسف ما لا تدركه أوكرانيا التى لن تدخل الإتحاد الأوروبى على الاقل الآن تجنبا لتورطها فى مواجهة مسلحة بين حلف الناتو و روسيا و هو نفس موقف أمريكا التى لا تدخل فى مواجهات عسكرية إلا تحقيقا لمصلحتها العليا فقط بدليل الرد الدبلوماسى من نائبة الرئيس الأمريكى على الرئاسة الأوكرانية بشأن طلب دعم عسكرى أكبر و قالت بالحرف الواحد " أن أمريكا تأخذ على محمل الجد وحدة و سلامة أراضى أوكرانيا " بينما الواقع الأمريكى على الأرض يشير إلى ان الولايات المتحدة لا يعنيها تقسيم أو تدمير أى دولة فى العالم طالما كان ذلك فى مصلحتها حتى و إن كانت هذه الدولة هى أوكرانيا نفسها التى تضعها أمريكا فى فوهة المدفع فى صراعها التاريخى مع روسيا التى تجرها أمريكا الآن لحرب إقتصادية ضروس فى مجال الطاقة لأن روسيا تصدر 200 مليار متر مكعب من الغاز لأوروبا سنويا فأعلن جو بايدن عن نيته إدراج قطر على قائمة الحلفاء الرئيسيين و معروف أن قطر صاحبة ثالث أكبر إحتياطى فى العالم من الغاز الطبيعى بديلا لأوروبا عن غاز روسيا بالإضافة إلى سعى الولايات المتحدة لتصدير جزء كبير من إنتاجها إلى أوروبا
يبرز دور مصر لامتلاكها أكبر مركز إقليمى للطاقة
و هنا يبرز دور مصر لامتلاكها أكبر مركز إقليمى للطاقة و إسالة الغاز فى دمياط و إدكو لتغطية إحتياجات أوروبا من الطاقة وهنا نتذكر ما قاله الخبير الإستراتيجى اللواء د/ سمير فرج منذ عدة سنوات بأن الحرب القادمة هى حرب الغاز و هو ما يفسر حرص الإدارة المصرية و إهتمامها بملف غاز المتوسط و تحديث الترسانة البحرية للدفاع عن المياه الإقتصادية و ربما يعوض قطاع الطاقة فى مصر خسائر قطاع الزراعة حال نشوب حرب لا قدر الله لأن أوكرانيا تعد من أكبر منتجى القمح فى العالم و تعتمد مصر عليها بدرجة كبيرة فى حين يكرر الرئيس الأوكرانى طلبه بضرورة إنضمام بلاده لحلف الناتو و يستعجل أمريكا لفرض عقوبات على روسيا و إمداده بأسلحة هجومية معتقدا أنهم سيدخلون حربا عسكرية ضد روسيا من أجل اوكرانيا متجاهلا أن هناك حسابات للمصالح و غير متفهم لأصول و قواعد اللعب مع الكبار .