مع تزايد الحضور العالمي لشركات التكنولوجيا الصينية أصبحت تأثيرات سياسات الحكومة في الصين على قطاع التكنولوجيا

الصفقة,أمن سيبراني,اتصالات,الصين,تكنولوجيا

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

هل تهدد سياسات الصين تجاه شركات التكنولوجيا الأمن السيبراني للعالم؟

هل تهدد سياسات الصين تجاه شركات التكنولوجيا الأمن السيبراني للعالم
هل تهدد سياسات الصين تجاه شركات التكنولوجيا الأمن السيبراني للعالم

مع تزايد الحضور العالمي لشركات التكنولوجيا الصينية، أصبحت تأثيرات سياسات الحكومة في الصين على قطاع التكنولوجيا والأمن السيبراني للعالم كبيرة، ولم تعد قاصرة على الداخل الصيني.



لذلك فعندما  اكتشف شين شاوجون  الباحث في مجموعة التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا الصينية العملاقة علي بابا جروب هولدنجز  وجود ثغرة أمنية، أبلغ بها زملائه في أحد فرق تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر عنها. هذا التصرف جيد ومحمود من منظور العرف السائد في عالم المطورين والبرمجيات، لكن رد فعل السلطات الصينية على هذا التصرف أصاب العاملين في هذا المجال بالفزع، على حد قول  تيم كوبلان الكاتب الأمريكي المتخصص في موضوعات التكنولوجيا.

فالباحث الصيني أبلغ زملائه في منظمة "أباتشي سوفت وير فاوندشن" وهي شبكة عالمية يقودها متطوعون للبحث عن أي ثغرات أمنية في البرامج وشبكات المعلومات وإصلاحها قبل أن يستغلها القراصنة. وكان الباحث الصيني يأمل من خلال إبلاغ زملائه في "أباتشي سوفت وير" بالثغرة المعلوماتية قبل إبلاغ السلطات الصينية بها، أن يتم إصلاح هذه الثغرة في أسرع وقت. فقد كان في مقدور أي شخص يعرف بوجود هذه الثغرة أن يرسل عبرها برامج قرصنة إلى أجهزة الخادم المستهدفة، وقد يؤدي ذلك إلى اضطراب عمل الكثير من المؤسسات حول العالم.

 وعندما اكتشفت السلطات الصينية ما قام به الباحث شاوجونج  عاقبت شركة علي بابا من خلال تعليق التعاون مع قطاع الحوسبة السحابية في الشركة على إحدى منصات تبادل معلومات الأمن السيبراني لمدة 6 أشهر. وقالت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية في كانون الأول/ديسمبر الماضي مبررة قرارها إن الشركة فشلت في إبلاغ السلطات المحلية بوجود الثغرة في الوقت المناسب. في الوقت نفسه كان تجمع آباتشي سوفت وير  وآلاف الشركات  التي تستخدم هذه الآداة تسابق الزمن  لعلاج الثغرة الأمنية، في الوقت الذي كان القراصنة يسعون فيه لاستغلالها.

ويقول تيم كوبلان في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن الإجراء العقابي الذي اتخذته السلطات الصينية ضد علي بابا جروب، قد يحقق هدفها وهو إجبار مهندسي البرمجيات  على تقديم الولاء للحكومة  على اعتبارات المواطنة العالمية الصالحة. 

والحقيقة هي أن مجتمع البرمجيات في العالم فوضوي في جوهره. وأغلب أعضائه يحبون بلا شك بلادهم، وربما يعتبرون وطنيين. ولكن الشعور بالمصلحة العامة  بين المطورين يتجاوز الحدود الوطنية، إلى الدرجة التي تدفعهم أحيانا إلى الالتفاف على الحدود القانونية.

ويطمح المهندسون الشبان إلى أن يصبحون جزءا من تجمعات مطوري التطبيقات مفتوحة المصدر، بحيث يمكنهم التعلم والمساهمة وتحقيق الشهرة بين أقرانهم. في المقابل فإن المهندسين الكبار غالبا ما يتبرعون بالعمل آلاف الساعات لإرشاد المبتدئين  أثناء قيامهم بالمشروعات الكبرى. ورغم تفجر الخلافات داخل هذه التجمعات من وقت إلى آخر فإن ما يجمعهم في نهاية الأمر هو الشعور بأنهم يعملون جميعا من أجل تقديم برامج جيدة وآمنة وقابلة للاستخدام.

ونادرا ما يتوقف مطورو البرمجيات متفوحة المصدر بالحدود الوطنية، وفي الغالب لا يعرفون أين يعيش نظراؤهم في أي تجمع لهم. في المقابل فإن الأمن السيبراني يعتبر جزءا مهما للغاية بالنسبة لمجتمع المطورين. وفي حين يترقى الأكاديميون ويحققون شهرتهم من خلال نشر أبحاثهم وأوراقهم البحثية، فإن مهندسي البرمجيات يحققون ذاتهم من خلال اكتشاف الثغرات الأمنية في البرامج وأنظمة التشغيل وإصلاحها. ويعتبر اكتشاف أي ثغرة جديدة طريقة مهمة لبناء مصداقية المبرمج  والتي قد تسفر عن تلقيه عروض عمل جيدة بمكانة أفضل داخل صناعة البرمجيات.

كما أن الإبلاغ عن الثغرات الأمنية التي يتم اكتشافها يزيد من فرص تحول شركة علي بابا إلى لاعب رئيسي في تطوير التكنولوجيات الجديدة، في الوقت الذي تواجه فيه الكثير من الضغوط التنظيمية والتنافسية. وهذا ما يجب أن تسعى إليه الصين وتشجعه بدلا من اتخاذ إجراءات عقابية قصيرة النظر تنتهي بالإضرار بصناعة التكنولوجيا الصينية نفسها.

بالطبع لا توجد شركة واحدة في العالم تعرف كل شيء عن تطوير البرمجيات، وكل واحد في هذا المجال يعتمد على نظام أوسع نطاقا للتعلم والتحسن. ولكن بتخويف المهندسين الصينيين من التواصل مع العالم الخارجي، تخاطر الصين  بعزل مهندسيها عن المجتمع العالمي الذي يمكن أن يتيح لهم  الاطلاع على أحدث ما طوره العالم من تقنيات. كما أن هذا يحرمهم من التواجد في مواقع تتيح لهم المساعدة في رسم مستقبل التكنولوجيا وتوجهاتها.

ويتبنى الرئيس الصيني شي جين بينج  سياسة تستهدف مشاركة الصين في المنظمات الدولية التي تضع معايير التكنولوجيا، بما يعكس الأهمية التي توليها بكين لدبلوماسية التكنولوجيا. ورغم ذلك فإن تمسك الحكومة الصينية لمعاقبة  المبرمجين الصينيين الذين يلفتون النظر إلى الثغرات الأمنية، سيؤدي إلى تثبيط همم الأشخاص في السعي إلى اكتشاف المشكلات وحلها وهو ما يعرض الأمن السيبراني العالمي للخطر.