صلاح ذو الفقار.. رحلة "الضابط" الذي عشقته الكاميرا
نور إدريس
تحل اليوم الأربعاء ذكرى وفاه الفنان صلاح ذو الفقار، والذى رحل يوم الأربعاء عام 1993، كان يتمتع بخفه دم ميزته فى العديد من الأدوار التى قدمها عبر مشواره الفنى الكبير.
ولد صلاح الدين أحمد مراد ذو الفقار في مدينة المحلة الكبرى لأبوين من القاهرة وتحديدا من حي العباسية. فوالده الأميرالاي (عميد) أحمد مراد بك ذوالفقار كان من كبار رجال وزارة الداخلية، ووالدته نبيلة هانم ذو الفقار كانت من عائلة فرنسية الأصل.
وكان صلاح متفوقاً في دراسته وكان رياضياً وهو أحد أبطال مصر في الملاكمة وحصل علي بطولة كأس الملك في الملاكمة (وزن الريشة) عام 1947.
قدَّم ذو الفقار أكثر من 130 فيلمًا روائيًا خلال مسيرة فنية حافلة استمرت 37 عامًا. في عام 1996، في مئوية السينما المصرية، تم اختيار عشرة من أفلامه كممثل وخمسة من أفلامه كمنتج في قائمة أفضل مئة فيلم مصري في استفتاء النقاد.
دراسته:
التحق صلاح ذو الفقار في البداية بكلية الطب جامعة الإسكندرية وذلك إرضاءا لوالده الذي كان يتمني أن يصبح صلاح طبيبا مثل جده لكن بعد مرض والده حوّل أوراقه إلى أكاديمية الشرطة حتي يكون بجواره، وتفوق فيها علميًا ورياضيًا.
الضابط الذي عشقته الكاميرا
تخرج صلاح ذو الفقار من أكاديمية الشرطة في عام 1946، ثم عمل في مديرية أمن المنوفية ثم في مصلحة السجون وتحديدا سجن مصر وعمل مدرسا في أكاديمية الشرطة منذ عام 1949.
خارج السينما:
كان يعمل صلاح ذو الفقار ضابطا في سجن مصر وكان محمد أنور السادات مسجون في ذلك الوقت بسبب قضية اغتيال أمين عثمان، وكان هو الضابط المسئول في السجن.
كان ذو الفقار مؤمنًا في قرارة نفسه ببطولة محمد أنور السادات وأنه قام بدور وطني تجاه بلده رغم أنه مسجون وذو الفقار هو الضابط المكلف بحراسته هو وباقي المتهمين في القضية إلا أنه كان يساعدهم ويعاملهم معاملة حسنة لأنهم مساجين سياسيين ولقناعته أنهم سجنوا بسبب حبهم لوطنهم.
صلاح ذو الفقار هو أحد أبطال معركة الإسماعيلية في 25 يناير 1952 التي ظهر فيها بسالة وشجاعة رجال الشرطة المصرية ضد المحتل البريطاني. في ذلك اليوم تم حصار قسم الشرطة الصغير المجاور لمبني محافظة الاسماعيلية من قبل قوات الجنرال البريطاني أكسهام وكان عددهم 7000 جندي إنجليزي مزودين بالأسلحة والدبابات ومدافع الميدان بينما كان عدد الجنود والضباط المصريين لا يزيد عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة مزودين بتسليح ضعيف لا يتعدى البنادق القديمة.
رغم ذلك صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا بشجاعة واستشهد منهم 50 جندي وبقي 30 آخرون على قيد الحياة لكن مصابون ورغم ذلك يقاومون القصف حتى نفذت ذخيرتهم.
بعد انهيار جدران القسم ومبنى المحافظة طلب الإنجليز من الجنود والضباط المصريين الخروج من القسم مستسلمين رافعي الأيدي. رفضوا الاستسلام وقرروا المقاومة لآخر قطرة دماء وصنعوا بشجاعتهم ملحمة فداء ووطنية في حب مصر وكان صلاح ذو الفقار الضابط الصغير أحد الضباط الصامدون بتلك الموقعة الشهيرة عام 1952. وأصبح هذا اليوم 25 يناير من كل عام عيدا للشرطة في مصر.
في عام 1955 حاول شقيق صلاح ذو الفقار الأكبر المخرج عز الدين ذوالفقار إقناعه بالتمثيل، ولكن بحكم طبيعة عمله كان يري صلاح استحالة لموافقة وزارة الداخلية علي عمله في السينما. ولكن مع إلحاح شقيقه عز الدين عليه للتمثيل في السينما وترشيح صلاح لدور بطولة أمام المطربة والممثلة شادية في فيلم عيون سهرانة. وافق صلاح وقدم طلب لوزير الداخلية وبالفعل حصل صلاح ذو الفقار علي تصريح استثنائي من وزير الداخلية للعمل في هذا الفيلم.
بدأ ذو الفقار في تلقى دروسًا في الإلقاء على يد الفنان عبد الرحيم الزرقاني وكان أول فيلم له في السينما هو عيون سهرانة في عام 1956، بعدها قام صلاح ذو الفقار بأداء دور "حسين" ابن الريس عبد الواحد في فيلم رد قلبي في عام 1957 بخفة ظل وبساطة وكان هذا الدور هو جواز مروره للشهرة والنجومية.
وانهالت عليه الافلام بعد فيلم رد قلبي ولم يجد مفرا سوي الاستقالة من وزارة الداخلية وتمت الموافقة عليها ولكن نظرا لسجله الحافل في 11 عام وهي فترة خدمته بالشرطة، تم ترقية صلاح ذو الفقار لرتبة مقدم وإحالته للمعاش بقرار استثنائي من وزير الداخلية.
فور خروجه من الشرطة، عُين صلاح ذو الفقار مديرا تنفيذيًا لمنظمة الشعوب الأفريقية والآسيوية والتي كان رئيسها محمد أنور السادات في ذلك الوقت، لكنه لم يستمر طويلا في المنصب لعشقه للفن والسينما.
اتجه صلاح ذو الفقار بعد ذلك إلى السينما بقوة وسطع نجمه في سماء الوطن العربي باكمله وتعددت أدواره وحققت أفلامه نجاحًا كبيرا كممثل ومنتج ولُقِّب بالعبقري وعمِل مع جميع نجمات السينما المصرية في عصرها الذهبي، وحصل صلاح ذو الفقار على العديد من الجوائز والتكريمات عن أدواره في السينما طوال مشواره الفني.
أول فيلم لصلاح ذو الفقار بعد رد قلبي كان فيلم جميلة للمخرج يوسف شاهين عام 1958 ونال استحسان النقاد عن أداءه لشخصية "عزام" خفيف الظل الذي يخفي وراء خفة ظله قدراً كبيراً من الجدية والشجاعة، وتفاؤل سواءً في الحياة أو الموت.
ثم في عام 1959 قدَّم صلاح ذو الفقار 5 أفلام منها فيلم نساء محرمات للمخرج محمود ذو الفقار وحب حتى العبادة للمخرج حسن الإمام ثم بين الأطلال والرجل الثاني للمخرج عز الدين ذو الفقار وحققا نجاحًا جماهيريًا كبيرًا.
شارك صلاح ذو الفقار في أكثر من فيلم عالمي أولها فيلم سر أبو الهول (إبتسامة أبو الهول) في عام 1964 وهو فيلم إيطالي وذلك بعد أن رشحه مخرج العمل دوشيو تيساري وتم تصوير الفيلم بالكامل في مصر. وشارك كذلك في فيلم الفرسان وهو فيلم إنجليزي وقام بدور صلاح الدين الأيوبي.
آخر مشاركة عالمية لصلاح ذو الفقار كانت أمام الممثلة البريطانية جيرالدين تشابلن في فيلم مكسيكي بعنوان نفرتيتي وأخناتون إنتاج عام 1973 وقام صلاح ذو الفقار بدور حور أم حب وزير الدفاع في عهد الملك أخناتون.
بعد عرض فيلم سر أبو الهول، طلب دوشيو تيساري مخرج الفيلم من صلاح ذو الفقار السفر والاستقرار في إيطاليا والعمل في السينما الإيطالية ولكنه رفض وفضّل الاستمرار في مصر.
شارك صلاح ذو الفقار في أكثر من 250 عمل فني سواءً سينمائي أو مسرحي أو تليفزيوني أو إذاعي وامتد مشواره السينمائي من عام 1956 وحتي وفاته في عام 1993.
تولي صلاح ذو الفقار منصب وكيل نقابة المهن التمثيلية بعد فوزه في انتخابات النقابة عام 1986 وكانت مسئولية المنصب تشغل الكثير من وقته وجهده وساعد في حل مشكلات كثيرة لزملائه الفنانين والفنانات.
زواج صلاح ذو الفقار:
تزوج صلاح ذو الفقار أربع مرات.
تزوج من زوجته الأولى السيدة نفيسة بهجت ابنة محمود بك بهجت في عام 1947.
وهي أم أبنائه أحمد مراد ومنى، ومن المعروف عن أبناء صلاح ذو الفقار أنهم لم يشتغلوا في الفن حيث ان ابنه المهندس أحمد ذو الفقار كان رجل أعمال وابنته مني ذو الفقار تعمل محامية دولية.
ذو الفقار له ثلاثة أحفاد من أبناءه هم رجل الأعمال كريم ذو الفقار والمهندس صلاح ذو الفقار والمحامية إنجي بدوي.
وظلت أم أولاده وجدة أحفاده علي ذمته حتى وفاتها سنة 1988.
أما زواجه الثاني فكان من الممثلة زهرة العلا وكان زواجاً لم يستمر طويلا وانتهى بالطلاق.
قصة حبه مع شادية:
وكانت قصة الحب التي جمعت بينه وبين المطربة والممثلة شادية هي الأشهر على الإطلاق وتزوجا في عام 1964 وكوّنا معاً ثنائي فني قدما من خلاله العديد من الأفلام السينمائية الناجحة وأنتج لها أكثر من فيلم، وانتهي هذا الزواج بالطلاق بعد 7 سنوات.
بدأت قصة الحب بين الفنانة شادية وصلاح ذو الفقار أثناء تصويرهم لفيلم أغلى من حياتى، وقدما سويًا عدة أعمال أبرزها عفريت مراتى ومراتى مدير عام وكرامة زوجتى حتى انفصلا بسبب غيرتهما على بعضهما بعض كما تردد حينها، ويقال أن غيرتهما الشديدة على بعضهما البعض، كانت السبب وراء انفصالهما رغم الحب الكبير الذى جمع بينهما وذلك عام 1971.
ثم تزوج من زوجته الأخيرة بهيجة واستمر زواجه منها حتى وفاته.
توفي صلاح ذو الفقار يوم الأربعاء 22 ديسمبر 1993 في مستشفى الشرطة بالقاهرة عن عمر يناهز 67 عاماً بعدما أصيب بأزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير فيلم الإرهابي.
وشُيِعَت له جنازةً مهيبة من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير ودُفن في مدافن عائلة ذو الفقار بمنطقة الإمام الشافعي بالقاهرة.
قائمة بأبرز أفلام الفنان القدير صلاح ذو الفقار:
مراتي مدير عام
كون صلاح ذو الفقارمع زوجته الفنانة الكبيرة شادية، ثنائيا من أشهر الثنائيات في تاريخ السينما المصرية، ودخل فيلم "مراتي مدير عام" ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وشاركهما البطولة توفيق الدقن، عادل إمام، كاريمان، يوسف شعبان، ومن إخراج فطين عبد الوهاب.
الأيدي الناعمة
اشتهر من خلال دوره في فيلم "الأيدي الناعمة" باسم "دكتور حتى"، حيث جسد شخصية دكتور يتعرف على أحد الأثرياء المفلسين، وتنشأ بينهما علاقة صداقة، ويقع في غرام ابنته، والفيلم بطولة أحمد مظهر، مريم فخر الدين، ليلى طاهر، صباح.
عفريت مراتي
الفيلم تدور أحداثه في إطار كوميدي، حول زوجة تتقمص عدد من الشخصيات، مما يجعل زوجها يعيش في معاناة دائمة، الفيلم بطولة شادية، عادل إمام، حسن مصطفى، هالة فاخر، حسن حسين، عماد حمدي، نبيلة السيد.
رد قلبي
دخل الفيلم كذلك ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وجسد من خلاله شخصية "حسين" ابن الجنايني، الذي يقع شقيقه في غرام ابنة الباشا، الذي يعمل والدهم في خدمته، وشارك في بطولة العمل شكري سرحان، هند رستم، مريم فخر الدين، رشدي أباظة، حسين رياض.
الرجل الثاني
الفيلم جمع بين كوكبة من نجوم الفن، وتدور أحداثه حول رجل خارج على القانون، ويحاول رجال الشرطة كشف سر زعيم العصابة الحقيقي، والفيلم بطولة رشدي أباظة، سامية جمال، صباح، صلاح نظمي.
الناصر صلاح الدين
قدم "ذو الفقار" في هذا الفيلم، الشخصية الأبرز في تاريخه، وهي شخصية "عيسى العوام"، ودخل الفيلم أيضا ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وشارك في بطولته أحمد مظهر، نادية لطفي، ليلى فوزي، محمود المليجي، حمدي غيث، زكي طليمات، ومن إخراج يوسف شاهين.
كرامة زوجتي
جسد الفنان الراحل من خلال أحداث الفيلم، شخصية محامي متعدد العلاقات النسائية، وحينما تكتشف زوجته ذلك، تحاول خداعه بأنها تخونه، إلا أنه يطلقها، الفيلم بطولة شادية، عادل إمام، جورج سيدهم، زينات علوي.
أغلى من حياتي
هو الفيلم الأول الذي يجمع بين الفنان صلاح ذو الفقار، وزوجته الفنانة شادية، وهو من كلاسيكيات السينما المصرية، وشارك في بطولة العمل حسين رياض، سناء مظهر، جلال عيسى، صلاح نظمي، مديحة سالم.
أنا وبناتي
شارك الفنان صلاح ذو الفقار، في بطولة فيلم "أنا وبناتي"، حيث جسد شخصية شاب يخدع فتاة بحبه لها، حتى يتمكن منها، ومن ثم يتنصل من علاقته معها، حتى تموت هذه الفتاة، الفيلم بطولة زكي رستم، زهرة العلا، فايزة أحمد، آمال فريد.