بين ليلة وضحاها تغيرت خريطة العالم و أصبح لا صوت يعلو فوق صوت جائحة كورونا منذ بداية شهر سبتمبر 2019.. وفي ه

تصدير الدواء,كورونا,مصر,صناعة الدواء,الدواء,التصدير

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف
كورونا وتأثيرها على صناعة الدواء

رئيس لجنة الصحة والدواء باتحاد المستثمرين.. ووكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية.. وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات

كورونا وتأثيرها على صناعة الدواء

بين ليلة وضحاها تغيرت خريطة العالم، و أصبح لا صوت يعلو فوق صوت جائحة كورونا، منذ بداية شهر سبتمبر 2019.. وفي هذا المقال أتحدث على تأثيرات جائحة كورونا على صناعة وتداول الأدوية .. ليس بمصر وحدها، بل في العالم كله.



فقد ضربت الجائحة العالم من أقصي شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وهو ما تسبب في وفيات قاربت على المليون من البشر، ما بين كبار السن ومتوسطى العمر والشباب أيضا، بالاضافة إلى إصابة أكثر من 27 مليون شخص خلال أشهر معدودة.

هذه الجائحة تعدت حدود وإمكانيات أقوي دول العالم اقتصاديا وعلميا.. وهنا أتحدث عن الصناعة التي أعمل فيها، وهي صناعة الدواء، فهناك أنواع من الأدوية تربعت على عرش الدواء عالميًا، في ظل ظروف الانكماش الاقتصادي الذي سببته الجائحة، ودفعت الناس إلى عدم الخروج من بيوتهم إلا لشراء احتياجاتهم الأساسية، حتي انها تسببت في حالة من الخوف منعت الناس من التردد على المستشفيات وعيادات الأطباء للعلاج التقليدي، فمعظم مستشفيات العالم تحولت بشكل أساسي لحجر صحي، والتي تسببت في التأثير على الخدمات الطبية التي تقدم للمرضي سواء العادية أو المزمنة، مما جعل المرضي يبتعدون عنها ويتحملون آلامهم خوفًا من تعرضهم للأسوأ، ودفع شريحة كبيرة من الناس إلى تأجيل العلاج ليفسحوا المجال أمام مرضي كورونا.. بالاضافة إلى الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول في جميع المنشآت الطبية والعامة، وهو ما انعكس بالتبعية على حركة تداول الأدوية العادية أو الأمراض المزمنة.

والسؤال هنا.. هل أثرت هذه الجائحة على قطاع الأدوية في العالم ومصر؟.. بالتأكيد ستكون الاجابة "نعم"، ورغم أن مصر لم يتضح بها الرؤية خلال الشهور الأولي من عام 2020، في ظل ظهور تلك المشكلة، وارتفاع الحالات المصابة بشكل تدريجي.. إلا أن مصانع الأدوية اتجهت للتقليل من معدلات بعض خطوط انتاجها إلى 50% ومصانع أخرى خفضت خطوط إنتاجها إلى 25% بالاضافة إلى مندوبي الدعاية الذين ابتعدوا عن ممارسة عملهم، خوفًا من الاصابة، مما تسبب في أعباء بالغة الشدة على مصانع الأدوية، من حيث انخفاض و تدوال المنتجات الدوائية، والذي بدوره دفع إلى انخفاض حاد في السوق المصرية للأدوية، وبالتبعية أثر على وضعها الاقتصادي منذ شهر مايو الماضي، وفي المقابل اتجهت الشركات لانتاج أدوية مرتبطة بالعلاج الأولي لكورونا، فضلا عن إنتاج المضادات الحيوية والمطهرات والفيتامينات وغيرها من الأدوية المقاومة للفيروس، والتي أحدثت رواجًا وانتعاشةً كبيران، بعد ازدياد حجم الطلب عليها، حتى أصبحت الشركات غير قادرة على موافاة احتياجات السوق الضخمة من تلك الأدوية المرتبطة بفيروس كورونا.

وبالنسبة لشركات الأدوية العملاقة، كانت هناك مؤشرات تؤكد أنها لم تتأثر، خاصة أن لها نصيب كبير من الاستحواذ على السوق الدوائية، وتأثرها كان بقدر غير ملحوظ، ومن عانى كانت الشركات المتوسطة والصغيرة والتي تأثرت بشكل كبير من جائحة كورونا.

وإذا حصرنا الآثار في نقاط، فإننا يمكن أن نحصرها في التالي:

أولا: انخفاض المترددين من المرضي العاديين على المستشفيات والعيادات.

ثانيا: انخفاض الانتاج بنسبة تقترب من الـ 50%.

ثالثا: انخفاض القدرة التسويقية بنسبة تجاوزت 80%.

رابعا: صعوبة استيراد الخامات الدوائية نظرًا لتوقف وصعوبة الشحن ونقل المنتجات عبر حدود الدول. 

خامسا: مصر منعت تصدير المنتجات والمستلزمات الطبية والمطهرات إلى الخارج، وهو حق أصيل لكل الدول في الحفاظ على المخزون الاستيراتيجي للمنتجات الطبية، خوفا من عدم السيطرة على الجائحة أو تمكنها من الانتشار بمعدل يخرج عن نطاق ، وحتي هذه اللحظة ما زال التصدير محظورًا لتلك المنتجات، مما تسبب في تأثر هذه الشركات، حتي الدول التي كانت مصر تصدر إليها المطهرات، ما زالت تغلق موانئها، و حتي تلك اللحظة لم تتخذ أية قرارات بفتح باب التصدير لهذه المنتجات، وهو ما أثر بالسلب على هذه الشركات، و كان رقم التصدير بأول خمسه أشهر من الجائحة هزيل جدا، ولم يتخطي حاجز الـ 55 مليون دولار. 

بالاضافة إلى ذلك فقد ارتفعت تكاليف التصنيع، في ظل توقف خطوط الانتاج وعلى الرغم من هذا فلم تستغني أي شركة عن العمالة أو تقليل رواتبهم التي كانوا يتقاضونها بقيمتها الكاملة.

نتمني ألا تستمر الجائحة.. في ظل المؤشرات التي تؤكد أن هناك موجة ثانية منها، وهنا من المؤكد أن شركات الأدوية ستتعرض لأزمة اقتصادية جديدة، وأتمني من الله أن تكون أخف وأقل من الأولى، خاصة وأن مصر قد ظهر فيها النوع الجيني الثاني من الفيروس، فبعدما كان النوع الأول يصيب الجهاز التنفسي العلوي مباشرة، فالثاني يهاجم الجهاز الهضمي أولا، ثم يتحول لاصابة الجهاز التنفسي، وهناك بعض دول العالم قد ظهرت فيها الموجة الثانية من الجائحة، لكنني متفائل بأن دول العالم بدأت في السيطرة عليها، بعد تطبيق الاجراءات الاحترازية التي اتخذتها تلك الدول، وأعتقد انها ستكون أقل وأهدى مما سبق.

 

نرجو من الله عز وجل أن تمر الموجة الثانية ولاتستمر لفترة طويلة، حتى لا نتعرض لأزمة اقتصادية جديدة، ويمضي العالم بعدها بسلام وأمان ونحن جزء منه.. خاصة أن هناك حالة كساد شديدة اجتاحت العالم في الشهور القليلة الماضية.