نستهدف مليون سائح خلال السنة الأولى.. وطورنا البنية الأساسية بحرفية تشجيعا للمستثمرينمصر تمتلك 25 موقعا مقدس

الفاتيكان,BOT,العلمين,مسار العائلة المقدسة,عادل الجندي,سياحة,مصر,الصفقة الاقتصادية,مرسى علم,السيسي,الحج المسيحي,السياحة في مصر,الحجاج المسيحيين,الساحل الشمالي,هيئة التنمية السياحية

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

مدير العلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي بهيئة التنمية السياحية يتحدث لـالصفقة الاقتصادية

م. عادل الجندي: افتتاح مشروع "مسار العائلة المقدسة" في نهاية العام.. ومصر ستقدمه "هدية سلام للعالم"

  • نستهدف مليون سائح خلال السنة الأولى.. وطورنا البنية الأساسية بحرفية تشجيعًا للمستثمرين
  • مصر تمتلك 25 موقعًا مقدسًا للحجاج المسيحيين.. ونجحنا في وضعها على خريطة الفاتيكان
  • مطار مرسى علم أهم ثمار نظام B.O.T.. وشبكة الطرق الضخمة ستزيد من أعداد السائحين وترفع مستوى إنفاقهم

على دابتها ركبت، حاملة طفلها عيسى ابن مريم - عليهما السلام - قاصدة الأمان على أرض مصر، فكانت خير ملجأ لها ولابنها الرضيع للهروب من بطش الحاكم الروماني السفاح هيرودس، وكان أهلها خير معين لهما من الظلم والاستهداف، ليتنقلا من موضع إلى آخر في مسارهما المبارك، بمنتهى الأمان والود، لتخرج بصدق مقولة "مبارك شعبي مصر" وتبارك أرضنا وبلادنا وتحمي وتشرف شعبنا إلى الأبد.



 

 

المهندس عادل الجندي، مدير عام العلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجي بهيئة التنمية السياحية، والمنسق الوطني لمشروع مسار العائلة المقدسة، حدثنا حول مجهود الدولة ووزارة السياحة وهيئة التنمية لإحياء مشروع مسار العائلة المقدسة في مصر، قائلًا: إنه أحد أهم المشروعات القومية الذي يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامًا كبيرًا منذ تولى السلطة، ويرعى تنفيذه بشكل يليق باسم مصر ومكانتها التاريخية، وبما يليق من قدسية للمسار ومزاراته لدى الطوائف الدينية المسيحية حول العالم.

 

 

وأشار الجندي إلى أن انطلاق المشروع، كان بأول رحلة تعريفية للعالم في مصر، في شهر أكتوبر 2014، سبقها زيارة لاسبانيا، والذي انعقد خلالها مؤتمرًا لمنظمة السياحة العالمية، حول السياحة وطرق الحج في العالم، وقد شاركت مصر من خلاله بهذا المشروع.

كان هذا في مدينة Santiago de Compostela الاسبانية والتي ينطلق منها مسار سانت جيمس، ويعد من أعظم المسارات الروحانية في أوروبا والعالم، وقد شهد عرضنا انبهارًا لافتًا من الحضور، وأبدوا إعجابهم بإرث مصر التاريخي والمقدس، وتساءلوا كيف لبلد يمتلك مسارًا طوله 3500 كيلو مترًا ويزيد عن 25 موقعًا مقدسًا مرت به العائلة المقدسة، ولا تقوم حكوماته المتعاقبة باستغلاله حتى الآن؟ في حين أن بعض الدول تمتلك موقعًا وحيدًا كفرنسا مثلًا والذي يجتذب ما يزيد عن 6 ملايين سائح سنويًا، وأوضحنا لهم أن الرئيس السيسي أولي هذا المشروع اهتمامًا بالغًا بمجرد أن أقسم يمين تولي الرئاسة في بلدنا.

 

 

بجانب قدسية المشروع، تبرز أهميته في ملء فجوات الركود السياحي، التي تخرج عن الموسمية المعروفة، فالمسار ليس له وقت محدد، والمولعين به من كبار السن وطالبي بركة العائلة المقدسة حول العالم، في الأغلب لا يرتبطون بحجوزات موسمية محددة التوقيت، ويتميزون بحجم إنفاق كبير.

ولفت الجندي إلى أن بعض الأسواق المصدرة دون مبررات منطقية تحجم حركة السياحة الوافدة لمصر، وتحظر حركة السفر إليها، لأسباب سياسية واقتصادية معروفة للجميع، ولتخطي هذه المعضلة، فإن مخاطبة 2.4 مليار مسيحي مولعًا بالعائلة المقدسة روحانيًا بشكل مباشر كان هدفنا، وقد نجحنا بالفعل في مخاطبة الفاتيكان، والذي أعلن بدوره في عام 2017 مسار مصر على خريطة الحج المسيحي، وهو ما يعزز الدافع الشخصي والديني لدى الحجاج المسيحيين بالمجيء إلى مصر دون التقيد بتوجيهات الحكومات التي تدير بلادهم.

 

 

وقد نجحنا تحت رعاية مجلس الوزراء، وبمشاركة وزارة التنمية المحلية، وتعاون الكثير من أعضاء مجلس النواب، نجحنا في الانتهاء من تأسيس البنية الأساسية لكافة مواقع المسار، وهو ما سيعلن عنه في أكتوبر القادم، وفي شهر ديسمبر 2020 سوف نعلن عن الانتهاء من تطوير هذا المشروع وافتتاحه وسيكون بمثابة هدية من مصر للعالم بأسره.

ونظرًا لطول المسار، والذي من المستحيل أن يتم حصره في رحلة واحدة إلا لو كانت طويلة، فقد قسمنا المسار لأجزاء، منها ما قد يتم زيارته ليومين وليلة واحدة،  وحتى أسبوع كامل، يزور خلاله السائح كافة نقاط المسار في العديد من محافظات مصر.

بالنسبة لرحلة الليلة الواحدة فيزور فيها السائح مناطق مصر القديمة والتي تشمل العديد من المزارات أهمها الكنيسة المعلقة، وكنيسة أبو سرجة، ومجمع الأديان وغيرها، فبمجرد وصوله إلى القاهرة، يقطن أحد فنادقها، ثم يزور المناطق المقدسة في القاهرة القديمة خلال ساعتين على الأكثر، ومن ثم كنيسة المعادي، التي عبرت منها العائلة للنيل والتي قيل فيها "مبارك شعبي مصر" ومن ثم الوصول لوادي النطرون ثم العودة مرة أخرى للقاهرة.

 

 

وفي هذا الربط بين تلك المزارات المقدسة، بذلت الدولة مجهودًا حثيثًا لتنفيذ المشروع بصورة مشرفة، فقد رصفت الطريق ما بين مصر القديمة وكنيسة المعادي "طريق الخيالة"، وعزلنا جبل القمامة الذي كان بمثابة محرقة للمخلفات، وطورنا منطقة عين الصيرة، ورممنا الأسوار التي كانت مشوهة بالقمامة والحرائق، كما قسمنا الطريق لاتجاهين داخل شارع حسن الأنور ومار جرجس، وزرعنا أشجار النخيل داخل مجمع الأديان، ووضعنا لافتات إرشادية ومرورية عليها أيقونة العائلة المقدسة والعلامة التسويقية التي تم تصميمها الشهر الماضي، وحاليًا يجري العمل على تطوير بوابات لدخول هذا الحرم الديني المقدس، وقد حصلنا مؤخرًا على الموافقات اللازمة لإقامة مرسى سياحي للعائلة المقدسة أمام كنيسة المعادي، بحيث ينطلق منه خلاله السائح في رحلة نيلية إلى المنيا "النقطة الثانية" وأسيوط "النقطة الثالثة" مرورًا ببني سويف التي يتواجد فيها أقدم دار رهبنة في العالم، وذلك بالنسبة للسائحين الذين يستهدفون قضاء أكثر من ليلتين، في رحلة روحانية هي الأكثر تميزًا في العالم.

 
 

 

وأشار الجندي إلى أن أكبر وأعرق الأديرة في العالم متواجدة في وادي النطرون، لكن الطريق الدائري الواصل بينهم لم يكن مجهزًا والذي يبلغ 24 كيلو متر، وقد انتهينا من رصفه وإنارته وازدواجيته، وزودنا الأديرة بدورات مياه سياحية، ووضعنا العديد من اللافتات الإرشادية، وزرعنا العديد من النخيل هناك ليضفي قدسية إلى المكان.

بالنسبة لرحلات الليلتين، فيكمل فيها السائح طريقه إلى محافظتي المنيا وأسيوط، واللتان تمتازان بوجود العديد من المزارات المقدسة، مثل دير جبل الطير بالمنيا، والذي طورنا ساحته وأنشأنا فيه مبنى فندقي، والعديد من الخدمات، كما فتحنا طريق مختصر للدير بعد أن سكان المحافظة أنفسهم يعانون من طريقه 18 كم غير المجهز، وقد مهدنا لهم طريق مباشر من أسيوط يبلغ طوله 1.2 كم، ومن بعدها يذهب السائح للعديد من الأماكن المقدسة في أسيوط مثل دير المحرق، ودرنكة. 

 

 

ويضيف الجندي؛ رممنا الكنائس والأديرة، مثل الأنبا بيشوي في وادي النطرون، وكفر الشيخ، والشرقية في تل بسطة وغيرها من الأماكن الأثرية هناك، وسيخدمنا الطريق الذي تعده الدولة للربط بين القاهرة وبلبيس ومدته الزمنية ساعة واحدة، وتلك الأماكن المميزة في مصر للعائلة المقدسة، تزيد من عدد الليالي السياحية للزائرين، مشيرًا إلى أن إجمالي تكلفة إعداد وتهيئة البنية الأساسية لمزارات المسار وصلت إلى 120 مليون جنيه، ساهمت فيها وزارتي السياحة والتنمية المحلية مناصفة، ملمحًا إلى أن تلك التكلفة ستمهد الطريق أمام المستثمر الخاص للدخول باستثماراته ومشروعاته الأساسية في هذا المسار المقدس، وسنطرح مخططًا استثماريًا تفصيليًا نهاية شهر أكتوبر القادم.

 
 

 

بالنسبة للتنشيط لهذا المسار خارجيًا، قال الجندي؛ إن الوزارة وهيئتي التنمية والتنشيط السياحيتين، بدؤوا تحركاتهم في عام 2014، بفعالية دعينا خلالها كافة سفراء دول الاتحاد الأوروبي، وجنوب إفريقيا وإثيوبيا، وإندونيسيا وغيرهم، وذلك بهدف تعريفهم بالمشروع، أعقبها جولات مكوكية لكبرى الكنائس في الاتحاد الأوروبي والفاتيكان، وقد أبدى أغلب الشخصيات المؤثرة دينيًا في الخارج ارتياحهم لخطة الدولة المصرية في هذا الشأن، واطمأنوا بكون مشروع المسار المقدس هو أحد أهم المشروعات القومية للدولة الجديدة، وساهم ذلك في إزالة الانطباعات التي رسخها لديهم المغرضون بأن هناك اضطهاد للأقليات في بلدنا.

 

 

وتوقع الجندي بأن يكون حجم حركة السائحين المهتمين بالزيارة للمسار في مصر خلال العام الأول من تشغيله يتراوح بين 300 ألف لمليون سائح، وهو العدد الذي كان موجودًا قبل عام 2010 "أعوام الذروة السياحية"، وبعد عودة تلك الرحلات ونقل انطباعهم ودخول المستثمرين ستزيد هذه الأعداد لأضعاف مضاعفة، ما يسهم في زيادة الناتج المحلي من العملة الصعبة، وخلق الآلاف من فرص العمل.

 

 

وقارن الجندي إمكانيات مصر التي تمتلك 25 معبرًا للمسار، بدولة الأردن الشقيقة التي تمتلك 5 معابر فقط على نهر الأردن ويأتيها سنويًا 2.5 مليون سائح، ومنطقة مقدسة مثل بيت لحم في فلسطين والتي يأتيها سنويًا 4 ملايين سائح، متوقعًا أن نتجاوز تلك الأعداد بالعمل الدءوب للترويج لمزاراتنا المقدسة.

 

 

على جانب آخر تحدث الجندي حول تركيز الدولة بالتحديد على مدينة العلمين، والساحل الشمالي لإحداث طفرة في حراك التعمير الضخم الذي يجري خلال الفترة الأخيرة، فيقول: في نظريات التخطيط العمراني، طبقًا لما درسناه، حين البدء بأحد القطاعات، يجب التركيز على القطاع الرائد الذي يقود أي تنمية، والمنطقة الشمالية لمصر، طبقًا لموقعها وتفردها الجغرافي الجمالي، تم تصنيفها منطقة سياحية فريدة، وقد استأثر بها المصريين لاعتدال مناخها وجمال شواطئها في فصل الصيف، وقد كانت من المشكلات التي تواجهها هي تفرد السياحة المحلية والعربية في بعض الأحيان بالاستمتاع بجمالها دون غيرهم.

 

 

ويضيف الجندي، إن الدولة تحت إدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي أدركت إنه آن الأوان لاستغلال المنطقة الساحلية الشمالية، لبناء مجتمعات متكاملة على أعلى المستويات، يكون قوامها وأساسها السياحة، وتتدرج فيها الصناعات والخدمات الأخرى التي تخدم وتستغل تلك الصناعة الهامة والحيوية، وذلك بهدف بناء مجتمعات على أحدث المعايير العالمية، مشيرًا إلى أنه يتوقع بأن تحدث المناطق الجديدة الواعدة فارقًا في خريطة مصر السياحية، وأن يكون الساحل الشمالي الغربي وعلى رأسهم مدن مثل (رأس الحكمة – العلمين) وحتى مطروح، ممثلا لانطلاقة جديدة بمنتجات جديد وعالمية على ساحل البحر المتوسط، والسبب، أن شواطئ أوروبا المطلة على البحر المتوسط صخرية، والشاطئ الوحيد المتميز بصفاء رماله واتساعها، هو الساحل الشمالي المصري، بالإضافة إلى شواطئ الدول العربية المجاورة لمصر من ناحية الغرب، وما يميز الساحل الشمالي المصري اتساع المساحات بصورة شاسعة خلف شواطئه، والتي يجري العمل على تنميتها حاليًا بشكل عمراني، مع إنشاء مدينة العلمين والتي تعتبر مركزًا لسلسلة من المدن التابعة لها، وكأن الإسكندرية تبنى من جديد بأحدث الطرق وعلى أعلى معايير الجيلين الرابع والخامس تكنولوجيًا.

 

 

ويواصل الجندي؛ ظل الأمل طوال عقود سابقة، أن تتحول الأماكن الفريدة سياحيًا، إلى مدن سياحية، وهو التطور الطبيعي للمناطق الساحلية، والخروج بها من تحت مظلة الشريحة الشاطئية الواحدة، وإلا نكون قد استغللنا المنطقة الشمالية استغلالًا استثماريًا سياحيًا فقط، وليس تطويرًا عمرانيًا، وقد كانت هذه مشكلة في بعض المناطق، عالجناها في البحر الأحمر، والعين السخنة، ورأس سدر، ولكن على مدار سنوات، وقد أطلقنا عليها اسم "المراكز السياحية"، بدأنا بفكرة المركز السياحي، الذي يحتوي على شريحة شاطئية، لأنها المناطق الجاذبة الرئيسية, بسبب إطلالة أرضها على البحر، وكنا نهدف فيها إلى جذب المستثمرين، لكن دائما كان مخطط تلك المناطق لا يخلو من تخطيط خلفي، وكانت الاستثمارات تتجه للمناطق الأكثر تميزًا، ولما نفذت هذه الشريحة، بدأ المستثمرين يأتون على السمعة التي حققتها الشريحة الأولى، وبدأت تتجه الاستثمارات للشريحة الثانية وهي عبارة عن خدمات مركزية، وقد امتلأت أغلبها في معظم المناطق، مثلما حدث في محمية نبق بجنوب سيناء، والتي تحولت بفضل التخطيط الجيد ووعي المستثمرين إلى مدينة سياحية كاملة الخدمات، وانهينا بعدها من الشريحة الثالثة والتي أصبحت مشغولة بالكامل، وبدأت تخصص فيها الأنشطة المخطط لها منذ تخطيط مركز نبق السياحي.

 

في أراضي البحر الأحمر نفذنا نفس المخططات، بتخصيص أراضي خلفية للمناطق الشاطئية، وراعينا تفادي أخطاء التخطيط القديم للغردقة، والذي سبب في إغلاق المدينة بعد تكدس القرى السياحية على شواطئها، حيث بدأت هيئة التنمية السياحية في تخطيطها الجديد، مراعاة وجود شواطئ عامة يتردد عليها زوار المنشآت الاستثمارية للمنطقة الخلفية للبحر من خارج القرى السياحية بسهولة، وقد أطلقنا عليها المناطق العازلة، وقد طبقنا تلك المنظومة في كافة مناطق الهيئة، بدأنا من أول مكادي بالغردقة، إلى شمال سفاجا، ومن جنوب سفاجا إلى مرسى علم، مرورًا بالقصير، وحتى حلايب وشلاتين، وفي تلك المناطق طبقنا فكرة التنمية المتكاملة، أي تطوير وتخطيط مركز كامل، بحيث يأخذ المركز مجموعة من المستثمرين أو مستثمرًا رئيسيًا، ونطلق عليه "مطور سياحي" والذين يشاركون الدولة في التنمية، ويقدم خلال تنفيذه لخطة التطوير كافة الخدمات، بعد تخصيص مساحة كبيرة من الأرض، على غرار ما حدث في الجونة، ومن النماذج الأخرى التي يجري العمل فيها مدينتي سهل حشيش وبورت غالب، وبالنسبة للمدينة الأخيرة تحديدًا كانت أول مدينة يطبق فيها نظام  BUILD OPERATE TRANSFER "B.O.T" حيث كان أبرز ثماره إنشاء مطار مرسى علم، عبر أحد المطورين العقاريين، والذي يستقبل رحلات بورتو غالب والمنطقة المحيطة.

 

 

مرسى علم كانت من المناطق المكتظة بالسياحة قبل ثورة يناير، وبالتحديد عام 2010 الذي شهدت مصر خلاله ذروة الحركة السياحية، حيث وصل العدد عامها إلى 15 مليون سائح، وبعد ثورة 25 يناير، شهدت الحركة هبوطًا مدويًا في معدلات السياحة، وقد بدأت العودة لمعدلاتها المُرضية منذ عام 2017، حيث اقتربنا من الوصول إلى تعداد الذروة، لنسجل في 2019 حوالي 13 مليون سائح في مصر، قبل أن كبلت جائحة كورونا حركة السياحة في العالم.

 

التنمية في مدن البحر الأحمر السياحية بشكل عام، بطيئة مقارنة بالحراك التنموي الذي تشهده مدن الساحل الشمالي وجنوب سيناء، وسبب ذلك حسب تفسير الجندي، هو أن تلك المناطق كانت بكرًا، وقد استدعى تخطيطنا لها في عام 1994، طرح حوافز استثمارية مغرية، لمرحلة أن الحصول على التراخيص كان عن طريق هيئة التنمية السياحية وحدها خلال شهرين على الأكثر، وهو ما حفز المستثمرين وقتها إلى خوض التجربة وأصبحت منتجعاتهم من العلامات البارزة في المنطقة، وبالتوازي مع ذلك مهدت الدولة الطرق وأمدت تلك المدن بالمرافق اللازمة، ووسعت مطار الغردقة، وطورت مطار النقب، وسهلت إنشاء مطار مرسى علم، وحين بدأ الحراك الاستثماري في النمو بمدن شمال مرسى علم، والقصير، وسفاجا، والغردقة، وأخرى مثل خليج العقبة، ارتفعت قيمة الأرض، وبالتالي أصبح إبطاء التسارع في التنمية مطلوبًا، لتعزيز قيمة الأرض أكثر، ومن ثم التأني في تخصيصها، وهو ما كان لازمًا خلال تلك الفترة.

 

 

يضيف الجندي، أن الشرائح المتميزة من الأراضي حين كانت تلك المدن خاوية، حصل عليها المستثمرين المحترفين في التسويق لمنتجعاتهم وقراهم، والذين خاضوا المجازفة منذ بدايتها، وقد راعينا خلال ذلك الوقت، تحديد مناطق للمستثمر المتوسط والصغير، في المناطق الخلفية وغيرها، لكن في بعض الأحوال في فترة الأزمة المالية العالمية، تعثر جزء كبير من الاستثمارات،  وبالتالي قدرات المستثمرين لم تعد قوية للخوض في استثمارات إضافية، وبالتالي بطأت التنمية، إضافة لذلك، لم تعد قروض البنوك متاحة مثلما كانت خلال فترة بداية تنمية تلك المناطق، وقد تدخلنا في أوقات كثيرة لدى البنك المركزي، لجدولة ديون المستثمرين في تلك المناطق بسبب الأزمات المتعددة التي عانت منها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العقد السابق، ناهيك عن موسمية السياحة وما تمثله من عبء على اتخاذ القرارات الاستثمارية.

 

استغلال هيئة التنمية السياحية لخريطة الدولة الإستراتيجية، في شبكات الطرق الجديدة، والتي مهدت الوصول لمناطق بعيدة ومترامية، قال الجندي: إن تبني الرئيس عبد الفتاح السيسي لرؤية أصفها بالثاقبة لتمهيد طرق جديدة تربط كافة محافظات الجمهورية ومحاورها الرئيسية والمتعددة ببعضها البعض، سيخلق مجتمعات متعددة في مدن متكاملة الخدمات ومتنوعة الدخول، فلم يعد مقتصرًا على المناطق السياحية استئثارها بهذا المجال وحده، وهو ما يتوافق مع رؤية هيئة التنمية السياحية التي تعمل منذ فترة بعيدة على استغلال المناطق السياحية والساحلية في خلق مجتمعات متكاملة تخدمها ويقتات منها المواطنين القاطنين لها والعاملين فيها، وفي الوقت ذاته تنمي من حجم السائحين المترددين على مصر وتعزز من إنفاقهم.. الآن أصبح من السهولة بمكان على سائح البحر الأحمر الانتقال إلى صعيد مصر ومناطقها الأثرية المتميزة، عبر ثلاثة طرق عرضية، بمدة زمنية لا تتجاوز الساعتين. 

 

 

إستراتيجية وزارة السياحة 2020 والتي نحدثها حاليًا بأخرى لعام 2030، تروج لأراضيها التابعة لهيئة التنمية السياحية، وكذا المناطق الخاضعة لولاية المحافظات، بالإضافة إلى أننا نتعاون مع المحافظات لتنمية السياحة الثقافية، وكذلك مشروع مسار العائلة المقدسة، فنحن لا نملك أراضٍ داخل حيز المسار، وبالتالي فنحن أصحاب الفكر التنموي في هذا المشروع، ونحن من طرحه، وننفذ له البنية الأساسية بالتعاون مع الجهات الوطنية في الدولة وشريكنا الرئيسي وزارة التنمية المحلية بما لها من ولاية على المحافظات، مستهدفين إعداده بشكل احترافي يليق بقدسية المشروع وثقل مصر التاريخي، ونعمل في الوقت ذاته لتهيئة الفرص الاستثمارية لتنفيذ مشروعات على هذا المسار.

 

 

هيئة التنمية السياحية لا يقتصر عملها على الأراضي وحدها، حيث تعمل في الاستثمار السياحي، والتنمية والتخطيط السياحي، ودراسة الاشتراطات البنائية والبيئية، فضلًا عن الجزء الضخم من المهام الذي ينفذ تنمية المجتمعات القائمة على السياحة، لأن هدفنا في الأساس هو تحقيق الأثر الايجابي المباشر على المجتمعات المحلية، والذي بدونه لن يشعر المواطن بآثار التنمية.

معظم المراكز السياحية التابعة لنا، نموها قارب على الاكتمال، وبالتالي تتطور لتصبح مدن سياحية، والتي تستتبع وجود كيان عمراني متكامل يديرها، وهنا يبرز دور الهيئة في المستقبل.

انتهى تعدد الولايات على الأراضي التابعة للهيئة (ما بين سياحة وصناعة وزراعة)، والذي كنا نعاني منه في السابق، الآن أصبح هناك مراكز وطنية تستخدم التطور التكنولوجي، وتستخدم أسلوب الرقمنة في التصوير الجوي لبعض المناطق، وبالتالي تعزز دور المتابعة الميدانية الذي قسم المناطق وحدد ولاياتها بخرائط بالغة الدقة، بالإضافة لاستحداث جهات وطنية جديدة مثل المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة، الذي فصل الولايات وحدد حدود كافة الجهات لتعمل كل منها في إطارها، وقد استدعى هذا التطور إلى أنه من الوارد دمج بعض الولايات للصالح العام، وقد استفدنا خلال الفترة التي عملت فيها الهيئة على التنمية السياحية، ومن خلال التطلع لتجارب أكثر الدول تميزًا في العالم، خلصنا إلى أن التنمية السياحية لا تقتصر فقط على خلق وتطوير مناطق لتقدم الخدمات السياحية وحدها، فالنجاح في زيادة أعداد السائحين ورفع مستوى إنفاقهم، يستتبع تنوع الحركة بالنسبة لهم، وخلق مجتمع ترفيهي وتسويقي متكامل ومتنوع المصادر.