عبد الرحمن المصري
الهيمنة على إفريقيا
اتطلع وغيري من ملايين المصريين إلى عودة مصر لدورها الريادي في إفريقيا، تلك القارة البكر، التي لم تستغل حتى الآن الاستغلال الأمثل، وتمثل بعدًا استراتيجيًا لمصر، وعمودًا فقريًا يصلب هامة مصر ويعلي من شأنها بين الأمم، وهم أحوج ما يكون إلينا مثلما نحن، خاصة وأن تاريخنا معهم حافل بآلاف المواقف الداعمة لهم، وكنا لهم الملجأ والسند والعون على مر العصور. كمواطن إفريقي، تشعلني الغيرة كلما رأيت توغل الطامعين في خيرات قارتنا السمراء، وتحركاتهم لكسب ود شعوب الجنوب، فما بين الصين وأمريكا وفرنسا وإسرائيل، تتمزق الأوصال كل يوم، ونفقد مواطيء أقدام رسخها أجدادنا في طمي أراضي قارتنا، ولعل أبرز المواطن المفقودة كانت إثيوبيا، التي كالت ضغائن أثرت على بلدنا، بتحريض من الإسرائيليين وإخوان الدول الخليجية، وأزمة سد النهضة خير دليل.
لم نكن ضد التنمية في ذلك البلد الذي يعاني أهله الفقر، لكن الغياب وسع الفجوة، وعلينا حل تلك الأزمة والخروج منها بأقل الخسائر دون أذى لكلينا، وفي الوقت ذاته علينا تدارك الإهمال لجاراتنا وللدول الشقيقة في شتى ربوع القارة، والذي كان سببًا فيه من حكموا مصر في عقود سابقة.
أدرك أن التحديات جسام، والعراقيل ليست بالسهلة، لكن علينا أن نتخذ خطوات جادة ولها آثار مباشرة على أرض الواقع في قارتنا، وقوتنا ومكانتنا وإمكانياتنا وأهميتنا وموقعنا الاستراتيجي بالنسبة لإفريقيا يسمحون.. وأولى تلك الخطوات تكون بإنشاء وزارة للشئون الافريقية، من بين مهامها؛ إعداد مخططات استراتيجية، لترسيخ العلاقات، ومد جسور وطرق تربط القارة الافريقية بالعالم، وتكون بوابة القارة على أرض مصر، فضلًا عن تكوين فريق عمل احترافي، من رجال الأعمال المصريين الوطنيين، لوضع نوى الاستثمار في العديد من البلاد الشقيقة بالقارة، وبعلاقاتهم الراسخة مع كبرى الكيانات الاقتصادية حول العالم، يفتحون آفاقًا للتعاون ليكونوا أبوابًا لتواجد رؤوس الأموال العالمية هناك تحت رعايتنا وإشرافنا.
علينا أن نعمل على إعداد وتنفيذ مخطط ذو بعد استراتيجي هام، وهو إنشاء كيانات تعليمية، تعلم اللغة العربية واللغات الأجنبية الأولى، وشتى العلوم الهامة التي نحترف تدريسها، وعلى الأزهر أن يستغل مكانته ويوظف قدراته في هذا الإطار، ويبدأ ممارسة مهامه الدعوية والتعليمية في كل بقاع إفريقيا، ولدينا قائمة بآلاف الطلاب الذين استضافهم الأزهر في مدرجات جامعته، واحتضنهم في مدينة البعوث الإسلامية أعوام وأعوام خلال فترة دراستهم، وليكونوا هم أول من نعتمد عليهم في هذا الأمر.
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، لها أيضًا دور كبير في ترسيخ علاقتنا بالأشقاء الأفارقة، فلديها علاقات متجذرة مع إفريقيا تعود للقرون الأولى للديانة المسيحية، حيث كان كرسي بابا الاسكندرية هو المهيمن، وتتبعه أغلب كنائس إثيوبيا والسودان وإريتريا، وعلى كنيسة الشعب المصري مد حبال الود والتواجد مرة أخرى هناك.
تأسيس مصانع للملابس والأحذية، في المناطق الأكثر فقرًا، من بين أهم الأمور العاجلة، وهي رسالة تحمل معانٍ كبيرة لبداية الخير الذي تحمله مصر للأشقاء، وتفتح آفاقًا للود، وبأبسط الإمكانيات.
الجمعيات الخيرية المصرية، بدأت قبل فترة، في اختراق افريقيا، عبر جمعهم للتبرعات من المصريين، وبدورهم حفروا آبار مياه في المناطق النائية، وهو جهد مشكور، ويجب أن يستمر بصورة منظمة أكبر وبشكل متواصل.
قارتنا ملأى بالكنوز التي تطفو على سطح أراضيها الخصبة، تحتاج فقط استراتيجية يعدها محترفون، تمكننا من نفض الغبار عنها، وتقديمها على أطباق من فضة ليستفيد منها الجميع.