كثيرا ما كنا نشاهد ونسمع زعماء العالم المتقدم مجتمعين حول طاولة كبرى لمناقشة التغير المناخي وأثره على كوكب ا

التغيرات المناخية,مصر,روسيا,تركيا,لبنان,تونس,حرائق الغابات,امريكا,الجزائر,الصفقة,امريكا الجنوبية,التغير المناخى,اليونان,الارض

عاجل
رئيس التحرير
إيمان عريف
رئيس التحرير
إيمان عريف

لماذا تلتهم النيران غابات العالم؟.. تعرف على الأسباب

كثيرًا ما كنا نشاهد ونسمع زعماء العالم المتقدم، مجتمعين حول طاولة كبرى لمناقشة التغير المناخي وأثره على كوكب الأرض.. كانوا يناحرون لاتخاذ إجراءات من شأنها تخفيض الانبعاث الحراري حول العالم، والذي سببته أنشطة الصناعة واستخدام الفحم والوقود في توليد الطاقة اللازمة لتشغيل الكيانات الصناعية الكبرى.



 

لم نكن ندرك أننا سنرى بأعيننا آثار ارتفاع درجة حرارة الكوكب الذي كانوا يجتمع الساسة بصدده.. حقًا لم نكن نعلم خطورة تلك الظاهرة المؤرقة.. لكننا بتنا الآن ندرك رعب سيناريوهاتها ونحن نطالع صورًا يومية تخرج من كل بقاع الأرض، لنيران تلتهم الغابات ولم تبق فيها أخضرًا ولا يابسًا على حاله.  

 

لن تصدق أن ذلك كله سببه مجرد ارتفاع لدرجة حرارة كوكبنا المُسالم بمقدار 1.1 درجة مئوية فقط.. فكيف سيكون الحال إذا ارتفعت درجة الحرارة على الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية في 2030 كما توقع خبراء الطقس؟!

 

 

على مدار الأعوام السابقة، كنا نطالع حرائق في أماكن متفرقة حول العالم، لكنها كانت بعيدة عن منطقتنا بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الآن اقتربت الحرائق أكثر، وباتت تلتهم آلاف الهكتارات في الدول العربية، مثلما حدث في لبنان والجزائر وتونس.. خلال التقرير التالي ترصد لكم الصفقة آثار التغيرات المناخية، والتي ترجمتها الحرائق في مناطق مختلفة من أقصى الشرق وحتى الغرب الأمريكي، مرورًا بمناطق الشرق الأوسط والأدنى وشمال إفريقيا.

 

 

 

الحرائق تلتهم الجزائر الخضراء 

 

شهدت الجزائر منذ يوم الاثنين الماضي، اندلاع حرائق الغابات فى منطقة القبائل فى شمال شرق الجزائر ثم اجتاحت كل المناطق الساحلية بشمال ووسط وشرق البلاد حتى وصلت إلى ولاية"الطارف" الحدودية مع تونس، والتى بلغت 69 حريقًا متزامنًا فى 17 ولاية ومنها 23 حريقًا فى منطقة "تيزي وزو" فقط، ومزال مستمرون حتى الاَن، يحاولون رجال الاطفاء مدعمومين بقوات الجيش على الارض والمروحيات إلى أخماد الحرائق. 

 

كما اجتاحت الحرائق عددًا كبيرًا من المناطق كمنطقة "ناث إيراثن" التى تضم عددًا من البلدان والقرى الصغير والتى أضطر السكان إلى مغادرة منازلهم بعدما حاصرتها النيران، ووصلت النيران إلى مستشفى ناث إيراثن الملىء بالمرضى، وقد سارع 100 إطفائي وجندى إلى إطفاء الحريق، وكتبت الحماية المدانية عبر صفحتها على "فيس بوك"، " تمكنا من إخماد الحريق الذي اندلع في محيط المستشفى بفض تجند المواطنين والأطباء والممرضين".

 

كما شهدت منطقة "تيزى وزو" أكبر الخسائر البشرية حتى وصل عدد القتلى فيها الى حوالى 42 شخصًا، 17 منهم مدنيون و25 عسكريًا، وهذا ما أعلنوا رئيس الوزراء الجزائر"أيمن بن عبدالرحمن".

 

كما كتب الرئيس الجزائرى" عبد المجيد تبون" عبر حسابه على"تويتر" موكدًا أنهم قتلوا بعد أن نجحوا فى إنقاذ أكثر من مئة مواطن من النيران بجبال"بجاية" و "تيزى وزو"، قائلاً فى كتابته "ننحنى بخشوع أمام أرواح أبناء الوطن البررة، تعازي لكل أسر الشهداء".

 

يأتي هذا في الوقت الذي أكد وزير الداخلية" كمال بلجود" عن ضلوع أيادٍ إجرامية وراء الحرائق فى البلاد، مشيرًا فى قوله " إن اندلاع 50 حريقًا في نفس التوقيت من المستحيلات السبعة، ومصادر الأمن ستباشر التحقيقات اللازمة".

 

وأدت الحرائق إلى تدمير الكثير من المنازل وحرقها وهجر الكثير لمنازلهم وتدمير الاراضى الزراعية والمحاصيل وتراجع الانتاج الزراعى وتدمير الثروة الحيوانية، واستهلاك أكبر للموارد المالية لتغطية الخسائر، والاثار السلبية على السياحة الداخلية، وادى الى الاهتمام  بإخماد الحرائق بدل أزمة توزيع الاكسجين وهذا ما يسمى " بتكلفة الفرصة البديلة"، كما ادى الى أكبر الكوارث البشرية وهى فقدان الكثير من الارواح.

 

 

 

نيران الجزائر تطال تونس 

 

إندلعت الحرائق فى مرتفعات تونس وغاباتها فى شمال البلاد ووسطها، مما أدى إلى تدمير"حظائر إيواء المواشى"، وتسللت النيران إلى بعض المحافظات منها (بنزرت، جندوبة، الكاف)، ما أدى إلى انفجار قوارير الغاز المنزلي، وهو ما زاد من قوة النيران وأجبر السكان على الفرار من منازلهم، ولم تقع ضحايا إلى الآن.

 

وصرح"معز تريعة" المتحدث باسم الحماية المدنية، إن وحدات الإدارة مازالت تواصل إطفاء الحرائق فى غابات محافظتى(جندوبة، بنزرت)، وأضاف أنه تم إخماد النيران فى 9 حرائق من إجمالى 12 وكانوا فى غابات عين دراهم، وحمام بورقية، وغار الملح، والطويرف فى أقصى شمال غرب تونس بمحاذاة عبر الحدود مع الجزائر.

 

كما أضاف أن التحقيقات جارية للكشف عن أسباب هذه الحرائق مشيرًا أنه غير مستبعد أن تكون هذه الحرائق مفتعله نظرًا لتوقيت اندلاعها والتقارب الزمنى بينها وبين الدول المشتعلة الأخر.

 

 

 

الكوارث تواصل ضرب لبنان

 

لم تترك الحرائق المنتشرة حول العالم لبنان دون أن تطالها بلهيبها، حيث استعرت في شمال لبنان، وامتدت بسرعة كبيرة واقتربت من الأماكن السكنية، وهذا ما دفع السكان إلى طلب الاستغاثة من السلطات، واستمرت الحرائق فى"غابات عكار" شمالي لبنان، واجتاحت مناطق "أكروم" وبلدات أخرى فى محيطها، وحاول رجال الإطفاء السيطرة على الحريق الذى أمتد عبر الحدود وصولًا إلى سوريا.

 

وأدت الحرائق إلى مقتل شخص واحد فى عمره الـ15 والذي كان يساعد رجال الإطفاء فى السيطرة على الحريق. ونشر الدفاع المدنى اللبنانى 25 عربة إطفاء، و4 مروحيات، وواحدات عسكرية لإخماد النيران، ولكن بلا فائدة، وواصلت الحرائق الاشتعال والانتشار بسرعة كبيرة شرقًا، وأثرت بالفعل على مساحات شاسعة من الغابات فى الشمال الجبلي اللبنانى. وأعلن الصليب الأحمر اللبنانى، يوم الأربعاء، نقل 17 شخصًا وتقديم العلاج لأكثر من 30 شخصًا من بينهم 8 فى حالة خطرة.

 

كما أكد عمدة قرية"عندقت" بأنها ليست حرائق طبيعية بل هى(حرائق مفتعلة)، وطالب بفتح تحقيق فى هذا الامر، ووافق الكثير من اللبنانيون على تلك النظرية.

 

 

 

 

تركيا تعافر النيران وسياحتها تضرب في مقتل

 

نتجه إلى الشمال الشرقي للبنان، حيث تئن تركيا، والتي بدأت فيها الحرائق قبيل لبنان وتحديدًا  فى 28 يوليو الماضي، والتي انتشرت فيها النيران بصورة سريعة ومفاجئة، معظمها في المحافظات الجنوبية، وطالت معظم ولايات أنطاليا، عبر مئات من الحرائق، طالت خلالها 17 مقاطعة، بما في ذلك (أضنة، عثمانية، مرسين، قيصرى، دياربكر).

 

 

أدت الحرائق إلى إخلاء 18 قرية فى أنطاليا و16 قرية فى أضنة ومرسين، كما أدى دخان الحرائق الكثيف إلى إصابات كثيرة، وصرح وزير الزراعة والغابات التركية"بكير باكدميرلي"  فى ذلك الوقت، إن ثلاث طائرات و 38 مروحية وحوالى 4000 رجل إطفاء حاولوا السيطرة على النيران، فاستطاعوا السيطرة على 57 حريقًا من بين 71 حريقًا .

 

وأضاف قائلًا: إن أكثر من 2000 حيوان قد نفق، وأن 58 شخصًا ما زالوا فى المستشفى، تم إنقاذ 10 أشخاص فقط، ولقي 8 أشخاص مصرعهم.

 

وقدمت بعض الدول المساعدة لتركيا منها (أذربيجان، روسيا، أوكرانيا، إيران)، حيث أرسلوا طائرات للمساعدة بما فى ذلك طائرات برمائية، وأرسلت (أذربيجان) عربات إطفاء، كما صرح وزير البيئة والتخطيط العمرانى"مراد كوروم" إنه سيقوم بهدم أكثر من 100 مبنى متضرر.

 

من بين أكبر الخسائر التي منيت بها تركيا، هي خسارتها لمنتج العسل الذي يلقى رواجًا في تلك المنطقة، حيث تمتلك (أشجار الصنوبر)، ومنها ينتج أغلب ما يعرف بـ"عسل الصنوبر" وهو نوع مميز من العسل يعتمد على منظومة بيئية دقيقة تجمع بين الأشجار وحشرات خاصة والنحل الذي يتلقى تلك العصارة من هذه الحشرات التي تعيش على الصنوبر.

 

 

وادعت السلطة الحاكمة لتركيا ضلوع حزب العمال الكردستاني في نشر الحرائق بالمناطق التركية، وهو ما قد ثبت في تحقيقات سابقة، خلال 4 عقود من الحرب بين الحزب والدولة التركية.

 

 
 
 

 

 

اليونان من الإفلاس إلى التفحم بفعل النيران

 

وليس ببعيد عن تركيا نشبت الحرائق فى جزيزة  "إيفا" شمال شرق "أثينا" عاصمة اليونان منذ اسبوع، التى إدت إلى إحراق عشرات المنزال ومساحات كبيرة من الغابات فى هذه الجزيرة، واشتعل حوالى 500 حريق فى ضواحى العاصمة ومناطق أخرى من اليونان ايضًا.

 

وبناءً عليه تم إصدار أوامر لمئات السكان بمغادرة الجزيرة، ولكن رفض بعض السكان الاستجابة للقرار والبقاء دفاعًا عن ممتلكتهم، وهذا ما دعى "ميتسوتاكيس" رئيس وزراء اليونان، إلى التحدث فى خطاب تلفزيونى قائلًا: "أتفهم تماما آلام مواطنينا الذين رأوا منازلهم أو ممتلكاتهم تحترق"، كما أضاف" أن البلاد تواجه كارثة طبيعية ذات أبعاد غير مسبوقة".

 

كما طالب سكان الجزيرة بل الشعب اليوناني بأكمله الحكومة بالتدخل للسيطرة على الحرائق، ولكن وجدوا الرد "بالتأخير"، وتصاعدت حدة الغضب من المواطنين نتيجة لعدم استجابة الحكومة لهم، وبما فى ذلك النقص الواضح في طائرات الإطفاء، وجاء الرد من" ميتسوتاكيس" بقوله" سنحدد إى إخفاقات، لكنه أكد بقوله على أن رجال الإطفاء يخضون معركة مع قوى خارقة للطبيعة تتجاوز مقدرتهم فى كثير من الأحيان".

 

ولا يزال 650 من رجال الإطفاء يحاولون السيطرة على الحرائق وإخمادها، ولا تزال إلى الَان مشتعله وتضرر جزء كبير منها، وبالرغم ذلك فأن المناطق التى أندلعت فيها الحرائق بالقرب من أثينا قد خمدت مع إنخفاض درجات الحرارة.

 

كما تعهد" ميتسوتاكيس" بتقديم مئات الملايين من اليورو لدعم أولئك الذين دمرت الحرائق سبل معيشتهم.

 

وأضافت"ديميتراكي" رئيسة قرية"مونوكاريا" فى جزيرة إيفيا، أنها تشعر بالقلل من عدم نجاة الجزيرة والمنطقة بأكملها، موكدة بحديثها" أن كل ما نقوله اليوم هو أننا محظوظون لأننا مازلنا على قيد الحياة".

 

وقد ساندت مصر فى إخماد النيران باليونان حيث أرسلت طائراتى هليكوبتر(شينوك)، وكان ذلك بتوجيه من الرئيس"السيسي" للمساهمة في إخماد الحرائق.

 

 

 

إعصار إفريقي يدمر غابات إيطاليا 

 

نتجه قليلًا إلى الغرب من اليونان حيث إيطاليا، والتي تسبب إعصار"لوسيفر" القادم من أفريقيا، بارتفاع درجات الحرارة فيها، حتى بلغت 48 درجة مئوية، وتحديدًا في جزيرة صقلية الإيطالية، ما أدى بالتبعية إلى انتشار حرائق فى جميع أنحاء إيطاليا، وكانت (صقلية، وكالابريا، وبوليا)، أكثر المناطق تضررًا.

 

 

وأعلنت فرق الإطفاء الإيطالية أنها حاولت السيطرة على أكثر من 300 عملية إطفاء فى صقلية وكالابريا على مدار 12ساعه فقط للسيطرة على النيران التى التهمت آلاف الأفندنة من الاراضى، ونتج عن ذلك مقتل5 حالات واحدة منهم فى صقلية، و4 فى كالابريا، و4 مصابين فى منطقة بيدمونت.

 

 

 

 

النار تذيب ثلوج روسيا

 

ولم تترك النار مجالًا لنجاة دول تقبع في شرق الأرض وغربها، حيث اشتعلت النيران فى روسيا فى أكثر الاماكن برودة فى منطقة شمال"سيبريا"، وحاولت الهئية الروسية لحماية الغابات بإخماد 51 حريقًا طبيعيًا فى البلاد، مستخدمين فى الإطفاء طائرات تحمل المياه، وقد اجتاحت منطقة" تشيليابينسك" بوسط البلاد، وذلك أدى عن مقتل رجل ووجود 18 شخص كانوا بحاجة إلى المساعدة الطبية، كما دمرت الحرائق إلى ما يقرب من 50 منزل.

 

 

وقد صرح نائب وزير الطوارئ الروسي قائلًا: "كانت النيران تنتشر بسرعة تزيد على 150 مترًا فى الدقيقة، وهذه سرعة هائلة"، كما أكد أنها عاصفة نارية، وانفجار كان من المستحيل إخماده.

 

وشهدت سيبيريا انتشارًا شديد للدخان حتى وصل إلى القطب الشمالى وهذا ما ذكرته وكالة الفضاء الأمريكيا "ناسا"، وكانت أكثر المناطق تضررًا فى سيبيريا هى " ياكوتيا"، حيث يواصل الوضع هناك فى زيادة انتشار النيران بين الغابات وزيادة الدخان الكثيف مما يعيق الوصول إليه لاخماده.

 

 

 

 

الولايات المتحدة لم تسلم من التغيرات المناخية

 

وفي غرب الكرة الأرضية حيث الولايات المتحدة الأمريكية كان حريق "ديكسى" ثانى أكبر حريق غابات فى تاريخ ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث وصلت النيران إلى ما يقرب من 500 ألف فدان، وتم التأكد من أحتواء الحريق بنسبة 21%، كما يشارك فى السيطرة فى الحريق حول ما يقرب من 5000 رجل إطفاء، وإصيب 3 منهم، ولما ينتج عن الحريق اى خسائر بشرية.

 

 

 

محميات أمريكا الجنوبية تتفحم

 

وفي أمريكا الجنوبية كانت منطقة"سان ماتياس" هى الأكثر تضررًا من الحرائق وأكلت النيران محمية طبيعية، وكانت أكثر الحرائق أنتشارًا فى مقاطعة سانت كروس فى"بوليفيا" التى تقترب من الحدود البرازيلية.

 

وأدى ذلك إلى نفوق ما لايقل عن مليوني حيوان والقضاء على غابة بدائية، وصرحت البروفيسورة "ساندرا كويرغا" التابعة لجامعة(سانتا كروز)، أن الغابات أصبحت متفحمة بالكامل والأضرار أبدية، ولن تعود إلى ما كانت عليه أبدًا.