المهندس إيهاب الحنفي: 318 مليار جنيه لتطوير لمناطق غير المخطط حتى 2030
إيمان عريف
منسق عام صندوق التنمية الحضرية: بناء البشر قبل الحجر
44 مليار جنيه لتطوير الأسواق العشوائية .. والانتهاء من المناطق غير الآمنة
نظرة الأهالي اختلفت وأسلوب الحياة الجديد طغى على سلوكيات اكتسبوها لسنوات بسبب التهميش والعشوائية
إشادات دولية بمشروع الأسمرات .. وعدة دول طالبت بنقل التجربة
«صندوق التنمية الحضرية لا يبنى حجرا فقط بل اهتم ببناء البشر، يطلق المبادرات ويعلم الحرف ويخلق فرص عمل وإمداد الأهالي بالأفكار, خطط مدروسة تضمن نقلة حضارية لأهالي المناطق العشوائية وغير المخططة، عادت بالنفع عليهم وعلى الدولة فهم يعيشون حياة كريمة وساعد ذلك على اندماجهم فى المجتمع.. بهذه الاستراتيجية استطاعت الدولة أن تقضى على المناطق العشوائية الخطرة أو غير الآمنة، بعدما كانت 357 منطقة على مستوى الجمهورية».
حقق الصندوق الهدف من تحويل الأهالي لمنتجين، من خلال تعلمهم حرفا جديدة أو إعادتهم لحرفهم الأصلية، وتم ضمهم إلى الاقتصاد الرسمي، فنظرة الأهالي اختلفت وأسلوب الحياة الجديد طغى على سلوكيات اكتسبوها لسنوات بسبب التهميش والعشوائية.
وبالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي، وتوعية الناس والتواصل معهم تم إقناع الناس للاستعداد لإخلاء المناطق والانتقال لمناطق أخري، فالصندوق ينشأ المناطق البديلة أولا ثم يبدأ في إخلاء الناس وانتقالهم ومشاهدة المشروع قبل مغادرة سكنهم القديم.
فى البداية يوضح المهندس إيهاب الحنفي، منسق عام صندوق التنمية الحضرية والمتحدّث باسم الصندوق، أن صندوق تطوير المناطق العشوائية أنشئ بقرار جمهوري رقم 305 لعام 2008 تحديدا بعد سقوط صخرة الدويقة، بهدف حصر وتنمية وتطوير المناطق العشوائية ومدها بالمرافق، ورغم إنشاء الصندوق عام 2008 لكن الانطلاقة الحقيقية كانت فى عام2014 ، وخلال هذه السنوات، بلغ حجم الإنفاق فى تطوير المناطق العشوائية 652 مليون جنيه فقط.
تصنيف المناطق العشوائية إلى مناطق غير آمنة
وتم لأول مرة تصنيف المناطق العشوائية إلى مناطق غير آمنة ومناطق غير مخططة، وتم عمل خريطة قومية للمناطق العشوائية غير الآمنة والتى تمثل 1% من العمران وتم تصنيفها إلى مناطق مهددة للحياة كالموجودة على مخرات السيول وسفوح الجبال مثل منطقة الدويقة، ومناطق سكن غير ملائم كالعشش ومناطق تم بناؤها من مخلفات البناء وكانت هذه المناطق الأكثر اهتماما من الصندوق نظرا لخطورة الحياة فيها على الإنسان، ثم تأتى مناطق تهدد صحة الإنسان كالمناطق الموجودة تحت كابلات ضغط عال أو مناطق سكنية وسط المصانع، أو المناطق الموجودة على تربة مليئة بالقمامة فكانت هذه المناطق المستهدفة للتطوير.
وأوضح المهندس إيهاب الحنفي أنه تم وضع أربعة معايير لتصنيف الأماكن غير الآمنة تبدأ بدرجة أولي وثانية وثالثة ورابعة، مشيرا إلى أن أكثر المناطق خطورة هى الدرجة الأولي، ولها الأولوية في التعامل، كما تم تحديد خريطة في كل محافظة طبقا لمعايير عدم الأمان، ومؤكدا أن تلك الخرائط متغيرة، بمعني هناك مناطق تظهر، وظهورها غالبا بيكون نتيجة حادث مفاجئ.
وأشار منسق عام صندوق التنمية الحضرية إلى أنه قبل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية كانت الدراسات رصدت 404 منطقة غير آمنه بدرجاتها المختلفة، وحتي 2014 كان العمل محدود بسبب تدخل جهات كثيرة من الحكومة، والتي كانت سبب في فشل إدارة الملف، حتي جاء التكليف الرئاسي بالاهتمام والتركيز علي هذا الملف الشائك، وبالفعل كانت أول منطقة تم افتتاحها كانت حي الأسمرات (1) في مايو عام 2016، ووقتها وقال الرئيس كلمته الشهيرة «مش هسمح الناس تعايرنا بالمنظر ده»، ثم أصدر الرئيس السيسي تكليف رئاسي بتحديد المناطق بشكل دقيق وعدد الوحدات واستيراتيجية التدخل السريع.
المشاكل التى كانت تعوق العمل
وهنا يشير المهندس إيهاب الحنفي إلى بعض المشاكل التى كانت تعوق العمل فى ذلك الوقت ومنها، ندرة الأراضي، حيث كان القائمون على إدارة الملف يختارون أراضي بعيدة يصعب الانتقال لها، أما المشكلة الثانية فكانت التمويل، ولكن بعد تولي الرئيس المسئولية وجعل هذا الملف في الأولويات أختلف الأمر تماما.
وأشار إلى أنه من 2016 تم تحديد 357 منطقة، تتضمن 246 ألف وحدة سكنية، بمتوسط (5) أفراد للأسرة ليصل عدد المستفادين ما يقرب من مليون فرد، وهو ما عملنا عليه بالفعل بإجمالي تكلفة 40 مليار جنيه للمناطق غير الآمنة.
وأكد منسق عام صندوق التنمية الحضرية أنه تم الانتهاء من المناطق غير الآمنة بالكامل، علي مستوي المحافظات، ولكنه قال أن هناك بعض المشروعات الصغيرة جدا تستكمل حاليا مثل مشروع أرض الإنتاج الحربي بالقاهرة ، أو العبور الجديدة وهو علي وشك الانتهاء والتنفيذ، والـ 357 مدينة تم الانتهاء يقرب من 95%، وجاري الانتهاء من الباقي خلال شهور قليلة ليغلق ملف الأماكن غير الآمنة بالكامل.
المناطق غير المخطط لها
أما بالنسبة للمناطق غير المخطط لها، فقال أن مساحتها كبيرة جدا تمثل 37% من العمران في مصر، وهذه المناطق تم وضع لها ميزانية بنحو 318 مليار جنيه، حتي 2030، وهى تتضمن العمارات المخالفة ومهددة بالخطر وتشكل ضغط اعلي البنية التحتية وينطبق عليها عدم الأمان وتم بناءها في غفلة من القانون وللأسف الشديد، مشيرا إلى أن الأماكن غير المخططة جاري العمل بها، وحاليا 152 ألف فدان مناطق غير مخططة، نعمل حاليا علي تطويرها. كذلك تولى الدولة اهتمام كبيرا بالأسواق العشوائية والبالغ عددها 1105 سوق عشوائي، وتم رصد 44 مليار جنيه تقريبا لتطويرها.
وأكد المهندس إيهاب الحنفي أن دور الصندوق لم يقتصر فقط على الجانب الإنشائي، وإنما كانت هناك دراسات متعددة، ومنها العلاقات الأسرية، فهناك أسر هاجرت من الأقاليم للبحث عن فرص عمل، وكانت تقطن فى بيوت أو غرف مشتركة، وكان هناك صعوبة في دراسة سلوك الناس وإقناعهم قبل انتقالهم إلى الأماكن الجديدة، لذا قمنا بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي بإطلاق برامج توعوية وبرامج تأهيل للناس.
مشروع الأسمرات
وأشار إلى أن مشروع الأسمرات كانت نقطة البداية لاستعادة ثقة المواطنين بالدولة،فتغيير مناخ المكان غير في سلوك الناس، وعندما شعر الناس باهتمام الدولة، أصبحت نموذج يحتذي به، وبدأت الثقة تعود بعد افتتاح الرئيس السيسي لحي منطقة الأسمرات المرحلة الأولي عام 2016، مشيرا إلى أنه تم تسليم 18 ألف وحدة سكنية، فهو مجتمع متكامل يضم مدينة رياضية، مسجد، كنيسة، مدارس، ملاعب مفتوحة، منطقة ثقافية، وسائل مواصلات .. كل ما يحتاجه المواطن.
وقال أن حي الأسمرات مجتمع متكامل، فالحي بمعهد لتعليم التفصيل للسيدات تحصل المتدربات من خلاله على دبلومة فى التفصيل تؤهلهن للعمل فى المصانع والمناطق الصناعية فى العبور والعاشر من رمضان، ومنهن من تعلم حرفة كصناعة السجاد اليدوى والحرير،الذى يتم تصديره إلى ألمانيا وأمريكا والسعودية، ومنهن من بدأن بمشروعات صغيرة. وهناك أبطال خرجوا من سكان الأسمرات منهم إسراء شاركت في بطولات دولية، وشباب من أوائل الثانوية العامة، مشيرا إلى أن دول كثيرة أشادت بالانجاز فى حى الأسمرات، منها وفد من الكونجرس الأمريكي ووزارة الإسكان بكينيا، والإمارات وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والسعودية وأشادت بالسرعة والتنفيذ، وكان تعقيبهم أنه مشروع دولة كاملة، طالبوا الاستفادة من التجربة لتنفيذها بدولهم.
مثلث ماسبيرو
وأشار منسق عام صندوق التنمية الحضرية إلى نموذج أخر مختلف، وهو مثلث ماسبيرو، وقال أن الصندوق كان صاحب الفكرة، مشيرا إلى أنه كانت هناك محاولات سابقة لتطوير هذه المنطقة ولم تنجح، وهذه المنطقة اكتشفنا أنها ملكيات خاصة لشركات سعودية وجزء مملوك لشركة ماسبيرو المصرية، وللأسف كان معهم أحكام نهائية لطرد الناس، ومن هنا بدأنا التحرك لصالح الناس وعدم طردهم بدون بديل.. وبالفعل كانت هناك لجان بشكل مستمر بالجلوس مع الأهالي في الشوادر والقهاوي وحدثت مناقشات علي مدار أكثر من عام مع الأهالي وكذلك مع الملاك حتي وصلنا لتصور يرضي جميع الأطراف، بمعني أنه لا يمكن طرد الناس في الشارع.. فلهم حقوق بالإقامة منذ عشرات السنين، وبدأنا نتعامل بإقناع الناس أن هذه المنطقة موقعها مهم ولكن قيمته التسويقية بالنسبة للسكان صفر لأنها منطقة عشوائية.. وقدمنا حلول بتعويض السكان بأراضي فضاء بديلة ولها مخطط..
وأضاف من هنا بدأت النقاشات وكل حالة مختلفة عن الأخرى، وهناك أسر طالبت العودة واستقطعنا جزء من هذه الأرض، وبالفعل تم وكانت النقاشات طويلة جدا.. وصلنا إلي خمس رغبات، الأولي: الرجوع للمنطقة بعد التطوير بتملك الشقة بعد دفع ثمنها وكانت برقم زهيد.. تقريبا 400 ألف جنيه للشقة، والثانية: إيجار تمليكي علي 30 سنة، والثالث: إيجار بالسعر السوقي، والرابعة: التعويض النقدي، والرغبة الخامسة الحصول علي شقة في حي الأسمرات.وبالفعل تجاوبت الأهالي، وعدد كبير منهم فضل التعويض النقدي، وجزء طلب العودة حوالي 910 أسرة وعادوا بالفعل واستلموا شقق حاليا.
وقال أن التعويض النقدي منذ اتخاذ قرار الموافقة في حينها كانت 60 ألف جنيه للغرفة، بالإضافة إلي 40 ألف تعويض، بمعني لو شقة 3 غرف أو غرفتين وصالة تحسب 3 غرف 180 ألف جنيه إضافة إلي 40 ألف تعويض ليصل إلي 220 ألف.. لو طلب شقة في الأسمرات كانت وقتها لهم 200 ألف يحصل علي شقة إضافة إلي 20 ألف باقي تعويضه يحصل عليهم نقدا.
وأشار المهندس إيهاب الحنفي إلى أن التحدي الأكبر كان محاولة البعض استغلال الفرص فى المناطق التى يتقرر إخلاءها مثلا لو بها 100 أسرة فجأة تتضاعف إلي 400 أسرة من أقاربهم ومعارف وناس ليس لهم علاقة أساسا بالمكان ويتظاهروا ويتظلموا بالمطالبة بحقوق ليس حقوقهم، ولكن وضعنا آلية للتعامل مع تلك الحالات عن طريق التحقق من المستندات التي تثبت إقامتهم في هذه المنطقة من الرقم القومي، مدارس الأولاد عداد كهرباء ومرافق فيما قبل 2015 لأن هناك ناس سكنت في هذه المناطق بعدما شعرت باهتمام الدولة وتقديم سكن بديل.
وأشار إلى الأهالى فى بعض المناطق كانت ترفض الإخلاء ، مثل منشية ناصر ، منطقة زرايب 15 مايو التي تعرضت لسيول، وطلبنا من اللجنة العلمية في محافظة القاهرة كلفناهم بعمل تقرير جيولوجي لمعرفة تأثير الجبال الموجودة علي المناطق السكنية، وهذه المنطقة منطقة مخرات سيول وبالتنسيق مع وزارة الري، تم أعمال صناعية وسدود، لتطوير المكان بالناس الموجودة فيه، لكن جاءت سيول لم تكن متوقعة عام 2020 وبسببها كانت حالات الوفيات كثيرة.. وأخذنا قطعة أرض هناك وتم بناء مجتمع متكامل، بتوجيهات سيادية.
تل العقارب
أما منطقة تل العقارب التي سميت بعد ذلك روضة السيدة، فنالت أشادت كبيرة بالمشروع، وهو يعد من أجمل المشروعات التي نفذت كتصميم معماري وموقع.