مشروعية الفرح والتهنئة بميلاد المسيح
المفتي: الفرح بميلاد المسيح عليه السلام فرح بقدوم النبي "صلى الله عليه وسلم"
تقدّم الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم بخالص التهاني للأخوة المسيحيين المصريين ولكل مسيحي على وجه الأرض ولكل مسلم على ميلاد سيدنا عيسى الذي نؤمن به، وموجهًا التهنئة لجميع المصريين كل عام وأنتم بخير بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد مضيفًا أن الله عز وجل أرسل الرسل والأنبياء حتى يستنير الناس ويمشون على الصراط المستقيم؛ لأن البشرية يمكن أن تحدث لها هزات فتعود إلى سبيل الرشاد مرة ثانية؛ فالأنبياء والرسل مشاعل النور والهداية للبشرية، ودراسة تاريخهم تعلمنا الأمل والاستبشار وعدم القنوط من رحمة الله.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن رسل الله جميعًا أرسلهم الله بمبادئ كلية واحدة، وهي ما عبر عنها علم أصول الفقه بـ "الكليات الخمس" منها: حفظ الأنفس والدين والأعراض والأموال والعقل، ولعمارة الأرض كذلك ونشر الرحمة، وهي القيم التي يشترك فيها جميع الأديان السماوية.
وأضاف أن الشرائع السماوية بمجملها منذ سيدنا آدم وحتى سيدنا محمد نجد أن الكل يدعو إلى الله والإيمان به والأخلاق الكريمة؛ فالرسالة واحدة لإدارة حركة الحياة في هذه الأرض، ولكي يؤدي الإنسان الرسالة التي خُلق من أجلها وهي عمارة الأرض، وأن الأنبياء جميعًا بعثهم الله لينشروا السلام والبناء والعمران وينيروا الطريق أمام البشرية في كل زمان ومكان.
ميلاد الأنبياء ميلاد رحمة وسلام
وأكد المفتي على أن ميلاد الأنبياء هو ميلاد رحمة وسلام ومحبة للعالمين، وأن ذكرى ميلادهم هي مناسبات سعيدة على البشرية جمعاء نحتفل بها ونتذكر ما أرسلهم الله سبحانه وتعالى به من أخلاق وقيم من أجل صلاح الناس.
والله سبحانه وتعالى ذكر ميلاد سيدنا عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهنأ به فقال سبحانه: "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً"، مشيرًا إلى أن سيدنا عيسى نال خصوصية خاصة ومساحة واسعة في القرآن الكريم.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الفرح بميلاد سيدنا عيسى عليه السلام فرَحٌ بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن سيدنا عيسى عليه السلام جاء مبشرًا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنه صلى الله عليه وسلم أَوْلَى الناس بعيسى عليه السلام؛ حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ».
ولفت إلى أن الاحتفال برأس السنة الميلادية المؤرَّخ بيوم ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم على نبينا وعليه السلام، والتهنئة به: جائز شرعًا، ولا حرمة فيه طالما لم يخالف الشرع الحنيف؛ لاشتماله على مقاصد اجتماعية ودينية ووطنية معتدٍّ بها شرعًا وعرفًا؛ من تذكُّر نعم الله تعالى في تداول الأزمنة وتجدد الأعوام.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن احتفال المسلمين بميلاد السيد المسيح هو أمر مشروع لا حرمة فيه طالما لم يخالف الاحتفال الشرع؛ لأنه تعبير عن الفرح به، كما أنَّ فيه تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم من توقير وتقدير وتبجيل للسيد المسيح وأمه السيدة مريم عليهما السلام، مشيرًا إلى أننا لا نتعجب من قيام البعض بتحريم الاحتفال بميلاد سيدنا عيسى فهؤلاء هم الذين يحرمون الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن في الاحتفال بالأنبياء والرسل امتثالًا للأمر القرآني بالتذكير بأيام الله تعالى وما فيها من نعم وعبر وآيات، قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]؛ فإن مِن أيام الله التي تستلزم الشكر عليها ويُشرَع التذكير بها: أيامَ ميلاد الأنبياء عليهم السلام، وفي هذا رد واضح وبرهان لائح على من يمنع الاحتفال بذكرى يوم المولد؛ لأنه يستلزم تعطيل الأمر الإلهي بالتذكير بأيام الله؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده صلى الله عليه وآله وسلم واحتفالًا بيوم ميلاده الشريف، فعن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه مسلم.