رجال من ذهب
اللواء أركان حرب مهندس حسين مسعود يتذكر أحداث 17 يوما خلف خطوط العدو

إيمان عريف
رجال من ذهب
اللواء أركان حرب مهندس حسين مسعود يتذكر أحداث 17 يوما خلف خطوط العدو
المقاتل المصري لم تختبر قدراته القتالية الحقيقية أمام العدو فى نكسة 1967
المهمة: وقف اللواء الإسرائيلي مدرع من التقدم من الخلف لتطوق الجيش الثالث من الجنوب
نجحنا فى قتل قائد المدرعة الإسرائيلية واستحوذنا علي الخرائط التي كانت بحوزتهم
شاركنا مع قوات الصاعقة في العمليات القتالية من بداية الحرب وحتي 11 أكتوبر
اللواء سامي فضل قتل قائد المدرعات الإسرائيلي واستحوذ علي سلاحه
الرقيب محمود شاكر ورفض العودة وقال لى: «أتيت من أجل تحرير الأرض كجندي مقاتل ولن أعود إلا بعد تحقيق الهدف»
الطيار المصري سواء محارب أو مدني مصنف عالميا من أفضل الطيارين في العالم
«البدو» كان لهم دور مهم في مساعدتنا للعودة من خلف خطوط العدو والالتحام مع قواتنا في عيون موسي «أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة.. قائد طيار له العديد من البطولات، كان برتبة نقيب في سرب الهليوكوبتر بالكتيبة 143 صاعقة.. كبد العدو الكثير من الخسائر بعدما ضربت طائرته في إحدى المعارك خلف خطوط العدو الإسرائيلي، مما جعله يشترك في القتال على الأرض مع رفاقه من سلاح الصاعقة.. أنه اللواء أركان حرب مهندس حسين مسعود، وزير الطيران الأسبق، ».

يؤكد اللواء حسين مسعود أن المقاتل المصري لم تختبر قدراته القتالية الحقيقية أمام العدو فى نكسة 1967، ولم يختبر فيها المعدة والسلاح أيضا، بإرادة وعزيمة وإصرار علي خلق جيش قوي يقهر أي معتدي، أول مرحلة بعد النكسة إعادة بناء القوات المسلحة، في جميع أنواع الأسلحة المدرعات والطائرات والمشاة والصاعقة، بالإضافة إلي دخول أسلحة جديدة متطورة ومتنوعة، بالإضافة إلى الاهتمام بالتدريب المكثف للضباط والجنود على الأسلحة الجديدة حتي تمكن جنودنا من التعامل معها باحترافية.

المرحلة الثانية، حرب الاستنزاف:
وأضاف بعد ذلك جاءت المرحلة الثانية، ممثلة في حرب الاستنزاف، والتي كانت بمثابة اختبار حقيقي للضباط والجنود، واستيعاب الأسلحة الجديدة والمعدات والاستعداد للمواجهة الحقيقية مع العدو وردعه، وهي لا تقل أهمية عن حرب 73 لأنها كانت اختبار حقيقى للاحتكاك المباشر مع العدو ومعرفة قدراته الحقيقية وتقيمها، فقوات الصاعقة كانت تقوم بضربات قتالية في الضفة الشرقية شرق القناة، بالإضافة إلي أن القوات الجوية كانت توجه ضربات داخل سيناء، وضرب مواقع حيوية للعدو.
حرب التمهيد:
ثم الخطوة الثالثة بعد حرب الاستنزاف والمناورات الجوية، جاءت حرب التمهيد، لتستعد قواتنا المسلحة للضربة القاضية والحقيقية وشل حركة العدو والانتصار في حرب 6 أكتوبر 1973.

دور سلاح الطيران:
وأكد اللواء حسين مسعود أن الدور الذي قدمه سلاح الطيران، ومنها طائرات الهليكوبتر فدورها كان نقل الجنود من مكان إلي مكان، وهناك طائرات مسلحة بالصواريخ والمدافع، وعندما نذكر الطائرات الهليكوبتر لابد من ذكر القوات الخاصة، والصاعقة التي تنتقل عن طريق الطائرات الهليكوبتر من أرض صديقة إلي أرض العدو، لتقوم بعمليات خاصة خلف الخطوط، لأداء مهام معينة وهي تسمي عملية «إبرار أو إسقاط».

يوم الانتصار:
وعن يوم الانتصار.. قال وزير الطيران الأسبق أنه في يوم 6 أكتوبر تم تكليف مجموعة مكونة من 18 طائرة هليكوبتر مجهزة، لنقل كتيبة الصاعقة والمكونة تقريبا من 400 مقاتل، والتكليف كان نقلهم إلي خلف الخطوط في منطقة «ممر سدر»، وهو المنطقة التى كان المتوقع منها مرور قوات إسرائيلية بعد الصدمة التي حدثت للعدو من الضربة الجوية الأولي، ثم ضرب المدفعية يليها عبور المشاة، وكان الغرض من توجه قوات الصاعقة إلي «ممر سدر» إعاقة اللواء المدرعات الإسرائيلية من التقدم من الخلف إلى الإمام ليطوق الجيش الثالث من الجنوب، لمدة 18 ساعة، لحين عبور قواتنا المدرعة القناة.
تم نقل الجنود من منطقة تسمي وادي حاجول في خليج السويس، وكان الطيران من (5 إلي 10) متر حتي لا يتم كشفة من رادارات العدو، وعندما وصلنا إلي منطقة «الإبرار» بمنطقة «بئر أبو جراد» وهى تقع علي مسافة 35 كيلو خلف خطوط العدو، وبدأت الصاعقة النزول في هذه المنطقة، وبعدما تحرك جنود الصاعقة الـ 24 مقاتل فى الطائرة التى كنت أقودها، وتحقيق الهدف، بالصدفة التقطتنا طائرات إسرائيلية مقاتلة، وبدأت تهاجمنا، والطائرة التي كنت بها أصيبت وكانت الإصابة كانت في «ذيل الطائرة» ومعي فريق العمل المكون من 5 أفراد، ملاح و2مهندسين و2 طائرين، اضطربنا في هذا التوقيت ترك الطائرة والانضمام إلى قوات الصاعقة، وشاركنا مع قوات الصاعقة في العمليات القتالية من بداية الحرب يوم 6 أكتوبر وحتي 11 أكتوبر.

وفى يوم الحادي عشر تم عمل الكمين للعدو وقوات الصاعقة كانت في انتظارهم ، وفور مرورهم من الممر حاصرتهم قواتنا المسلحة من الصاعقة بـ «الآر بي جي» والأسلحة، والعدو آنذاك كان يسير دون اتخاذ وضع قتال، لأنهم لم يتوقعوا وجود المقاتلين المصريين في هذه المنطقة باعتبار أنها كانت أرضهم، وتم قتل قائد المدرعة الإسرائيلية، واستحوذنا علي الخرائط التي كانت بحوزتهم وتدمير المدرعات الأولي وإرسال إشارة إلي القيادة العامة للقوات المسلحة بإتمام العملية بنجاح، وانطلقت الطائرات المقاتلة القاذفة من طراز "سخوي" ولم يستطع العدو المرور من هذا الممر حتي نهاية المعركة، تحت قيادة اللواء سامي فضل، قائد الكمين، والذي قام بقتل قائد المدرعات الإسرائيلي واستحوذ علي سلاحه.

وتابع وزير الطيران الأسبق، أنه بعد ذلك جاءت إلينا تعليمات من القيادة العامة للقوات المسلحة، بالانضمام لقواتنا بالتنسيق مع المخابرات للمرور من ممرات معينة حتي لا ننكشف للعدو ويتم استهدافنا، وكذلك العرب كان لهم دور هام جدا في مساعدتنا واعدنا والتحمنا مع قواتنا في عيون موسي من يوم 21 أكتوبر وعدنا إلي قواعدنا يوم 22 أكتوبر، قبل إيقاف إطلاق النار بأربع ساعات.

أصعب مشاهد الحرب:
يتذكر اللواء حسين مسعود أصعب المشاهد خلال الحرب التي لم تنسي، فيقول بالتأكيد الشهداء الذين ضحوا بحياتهم أمام أعيننا دون تراجع بعزيمة وقوة وإرادة تحرير أرضنا الطاهرة المصرية، بالإضافة إلي أسر عدد من رجالنا منهم من عاد ومنهم من فقد.
وتابع هناك موقف معين يعكس إرادة الجندي المصري، وهو عندما تم ضرب الطائرة كنا خمس أفراد طاقم الطائرة كما ذكرت، وكان ليلا ومع أول ضوء للنهار، اكتشفنا أننا انفصلنا عن القوات المسلحة، وكان معنا 4 مقاتلين من الصاعقة «رقيب وثلاث جنود»، وبدأنا نفكر كفريق علي بعد 40 كيلو تقريبا من أقرب مكان آمن ومنهم 20 كيلو سباحة في المياه لنصل إلي قواتنا، حسب الخرائط التي معنا، وقررنا التحرك، ولكن اعتذر لنا "الرقيب محمود شاكر" ورفض العودة معنا وقال:
«أتيت هنا من أجل الحرب وتحرير الأرض كجندي مقاتل ولن أعود إلا بعد تحقيق الهدف»، وحاولنا أقناعة أننا انفصلنا عن زملاءنا ولو عدنا سالمين نستطيع أن نقود بمأمورية أخري، ولكن أصر علي الرفض وقال أنتم كطائرين نفذتم مأموريتكم، ولكن أنا كمقاتل لم أنفذ مأموريتي ولكم حق العودة، وهنا اضررنا أن نستمر معه بكامل الأسلحة، وبدأ في السير وساعدونا «البدو» في المنطقة بتوصلنا للكتيبة التي انفصلنا عنها، والتحمنا بزملائنا ونفذنا المأمورية التي ذكرتها.
فالرقيب محمود شاكر نموذج لروح المقاتل والجندي المصري، صاحب العقيدة الراسخة وإيمانه بتراب بلدة وأرضه.
الطيار المصري مصنف عالميا من أفضل الطيارين:
وعن الطيار المصري سواء محارب أو مدني، قال وزير الطيران الأسبق أن الطيار المصري مصنف عالميا من أفضل الطيارين في العالم والمحارب الطيار المصري لا يوجد مثيل له علي وجه الأرض.. ولذلك وصفنا الله تعالي بأننا «خير جنود الأرض» ليس فقط بالقوة ولكن بالإيمان والعقيدة والعزيمة والقوة والإرادة المصرية التي لا يدركها العدو.